والنظر فيها لمعرفة مدى دقته في الرواية، وحسب المصادر التي توافرت بصورة مطردة عبر القرن العشرين، ولكن نظراً لعدم اكتمال النشر لكتب الحديث وعلومه والرجال، فإن الاستقراء لم يكتمل عند الدارسين والمحدثين، وإن كان حظ المتأخرين منهم أكبر.
وعندما يكتمل بناء الموسوعات الحديثية فإن بإمكان القائم باستقراء شامل أن يحقق مراجعة كبرى لأقوال النقاد وأحكامهم على الرجال والأحاديث، وليس المقصود هدم البناء وتفنيد النتائج بل الاستيثاق والتثبت، فالله عز وجل كلف الأمة بما تطيق، وقد بذل علماؤها خلال القرون المتعاقبة جهوداً كبرى في تشييد صرح العلوم الإسلامية حسب إمكانات عصرهم، أما في الوقت الحاضر فإن الوسائل تهيأت للسيطرة على المعلومات والتثبت من قواعد مناهج البحث، وسوف يتمكن علماء المسلمين في الجيل الحالي من القيام بمراجعة شمولية للعلوم الإسلامية وضمنها الحديث وعلومه، وسوف يؤدي ذلك إلى تقليص الخلاف الفقهي، وزيادة الوضوح في العلم الإسلامي بالجملة، وإنه لمن الخير للأمة أن يُقْدِمَ على تجديد البناء علماء مخلصون لله ولرسوله ولدينه من أن يقدم المتلاعبون الجدد على تشييد بناء يشبه مسجد الضرار بالتأويلات البعيدة والتوجيهات المغرضة لزعزعة عقيدة الأمة وإفقادها الثقة بماضيها وحاضرها، وبالتالي بذاتها.
إن ثمة دراسات حديثة تتعلق بسيكولوجية الذاكرة يمكن أن تخدم المحاور المتعلقة بتحمل الرواية وأدائها (١) ، وثمة مراجعات حديثة لمناهج البحث وتحديد
(١) محمد قاسم عبد الله: سيكولوجية الذاكرة، ص ٢٠٠ – ٢٠١.