إن الطبري اعتمد في أخبار صفين على أبي مخنف لوط بن يحيى، إذ انفرد برواياته عنها، فقد ألف أبو مخنف كتاباً في صفين، واعتمد الطبري كثيراً في أخبار الردة والفتوح على سيف بن عمر التميمي الذي ألف كتاب الردة والفتوح.
ولا يمكن الوثوق بما رواه الاثنان (أبو مخنف وسيف) من أخبار الصحابة في الفتن التي جرت في ذلك التأريخ المبكر، وينبغي تلمُّس الأخبار المفردة التي وردت في كتب الحديث، وتأريخ خليفة بن خياط، وأخبار المدينة، وأخبار البصرة لعمر بن شبة؛ للمقارنة مع أخبار أبي مخنف وسيف.
وقد ُبنيت الدراسات التأريخية الحديثة على تأريخ الطبري والبلاذري وعزت الأخبار إليهما دون التحقق من أثر الرواة الذين اعتمدهم الاثنان في سرد الأحداث، وإمكان تأثير الرواة المنحازين على الأخبار المنقولة عنهم، مع تشبع معظمهم بروح متحزبة لا يمكن الوثوق بنزاهتها في شهادتها على الأحداث.
ومن هنا يظهر أن كتابة حقب التأريخ الإسلامي المبكر في العصر الحديث تحتاج إلى عمل نقدي كبير لتقويمها علمياً، وللوصول إلى مقاربة أكبر للصدق والحقيقة.
ومن الطبيعي أن يشترك جمع من المحدثين والأخباريين في حيازة الوصفين: المحدث والأخباري، حيث يتوسع المحدث في جمع الأخبار خارج نطاق الأحاديث النبوية وأحداث السيرة، كما فعل محمد بن إسحاق (ت١٥١هـ) ، ومحمد بن عمر الواقدي (ت ٢٠٤هـ) ، وخليفة بن خياط (ت ٢٤٠ هـ) .