القول بأن المنافقين حركة سياسية، وأن المرتدين معارضة سياسية.
لأبي بكر رضي الله عنه وهذا تزوير مكشوف للتاريخ، فالمرتدون التفوا حول مدعي النبوة بسبب العصبية القبلية، وحملوا السيف في وجه الدولة الإسلامية.. ومعظمهم ارتد عن الإسلام جملةً وتفصيلاً، والقليل منهم (بعض فروع تميم مثل بني يربوع وقوم مالك بن نويرة) امتنع عن دفع الزكاة مع البقاء على الإسلام، وهذا الامتناع هو ناجم عن تأويل – كما ورد عن الإمام الخطابي (ت٣٨٨هـ) للآية {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ}[التوبة:١٠٣] . حيث رأوا أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فليس لأبي بكر أن يأخذ زكاتهم (١) . والقول بالتأويل للآية لم أجد له سنداً، وبين الخطابي والردة ما يقارب أربعة قرون! ولم ترفع حركات الردة أي شعارات تعبر عن معارضتهم لخلافة أبي بكر رضي الله عنه.
ومحاولة تزوير حقائق التأريخ وإعادة كتابته لخدمة أغراض مذهبية وسياسية لن تنجح، والصحيح الاعتراف بالحقيقة التاريخية والتزامها. ولا شك أن جهود الأخباريين ستنصب على حركة الردة وممهداتها المتمثلة في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
القول بأن الجهاد دفاع عن النفس بينما هو يمثل العقيدة العسكرية للأمة وهو استراتيجية ثابتة حتى قيام الساعة، ولكن التطبيق يتسم بالمرونة العالية. فهو يرتبط بالدولة فهي منظمة له أو تسمح به تبعاً لموازين القوى وأحوال
(١) ابن حجر: فتح الباري، وانظر موسى شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم ١/١١٣.