وإذا كان من وظيفة القرآن أن يصحح ما وقع من أهل الكتاب بفعل زعمائهم فيه فليس إذن مساوغًا لأي كتاب سبق ويوجد بينهم الآن. وبالتالي ليس هناك تآخ اليوم وغدًا بين المسيحيين من جانب، والمؤمنين برسالة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جانب آخر، سوى ذلك النوع الذي يجب أن يقوم على الإيمان بالقرآن وحده.
وعلى نحو ما صنع أهل الكتاب من اليهود في التوراة صنع أهل الكتاب من النصارى في الإنجيل، بحيث أصبح الإنجيل كذلك بعيدًا عن أن يكون هدى من الله ورحمة للناس يقص ذلك القرآن الكريم في قول الله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ (أي في الإيمان بوحدة الألوهية) فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ (أي أغفلوا نصيبًا وافرًا مما أخذ عليهم ميثاق به. ومن بين ما أغفلوه: الإيمان بوحدة الألوهية) فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤](فنشأ عن نسيان بعض ما أخذ عليهم ميثاق به: أ، أولعوا بعداوة بعضهم لبعض، بعد أن انقسموا إلى يعاقبة .. وملكانيين، يقولولن مَعًا بالتثليث، .. ونساطرة يؤمنون في مواجهة الفريقين السابقين بالوحدة في الألوهية. وتوزعوا إلى الكنائس الثلاث: الأرثوذكسية .. والكاثوليكية .. والنسطورية. وسيظل هذا الإنقسام إلى يوم القيامة (١).