للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة وفي الآخرة، كما قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً} ١ الآية، والكلمة أصل العقيدة، فالاعتقاد الكلمة التي يعتقدها المرء، وأطيب الكلم كلمة التوحيد، وأخبث الكلم كلمة الشرك، ولهذا قال سبحانه: {مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} . ولهذا كلما بحث الباحث، وعمل العامل على هذه الكلمات والعقائد الخبيثة لا يزداد إلا ضلالا وعلما ببطلانها، ولهذا قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ} ٢ الآية وهؤلاء يعيبون منازعهم، إما بعدم التمييز بين الحديث الصحيح وغيره، وإما لأن اتباع الحديث في مسائل الأصول لا يفيد ذلك، أو لا يفي به، فالأمر يرجع إلى أحد أمرين: إما ريب في الإسناد، أو أن ما فهموه لا يعلم من اللفظ لما فيه من الاحتمال. ولا ريب أن هذا عمدة كل زنديق منافق يبطل العلم الذي بعث الله به رسله، تارة يقول: لا نعلم أنهم قالوه، وتارة يقول: لا نعلم ما أرادوا بهذا القول، ولمعنى انتفاء العلم بقولهم لم نستفد علما من جهتهم، فيتمكن بعد ذلك أن يقول ما يقول آمنا أن نعارض بآثار الأنبياء، وهذا عين الطعن في النبوة.

ولما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه قال: أصحاب الحديث قوم سوء، فقام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق؛ فإنه عرف مغزاه. وعيب المنافقين للعلماء وبما جاء به الرسول قديم، من المنافقين الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يدعون القراء فقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء إلخ. والصحابة يعلمون ما جاء به، وفيه بيان الحجة على بطلان كفر كل كافر، وبيان


١ سورة إبراهيم آية: ٢٤.
٢ سورة النور آية: ٣٩.

<<  <   >  >>