للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذلك بقياس صحيح أحق وأحسن بيانا من مقاييس أولئك الكفار، كما قال: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} ١. أخبر سبحانه أن الكفار لا يأتون بقياس عقل لباطلهم إلا جاء الله بالحق، وجاء من البيان والدليل وضرب المثل ما هو أحسن كشفا للحق من قياسهم. وجميع ما يقولونه مندرج في علم الصحابة، والآية ذكرها الله بعد قوله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} ٢ فبين أن من هجر القرآن فهو من أعداء الرسل، وأن هذا الأمر لا بد منه إلى قوله {وَيَوْمَ يَعضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} إلى قوله {خذولا} . والله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، وضرب الأمثال فيما أرسله به لجميعهم، كما قال: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ٣ فأخبر أنه ضربها لجميعهم، وإلا فالمخاطبين بحسب الحاجات كالسلاح في القتال، فإذا كان العدو في تحصنهم على غير ما كانت عليه فارس والروم كان جهادهم على ما توجبه الشريعة التي مبناها على تحري ما هو لله أطوع وللعبد أنفع، كرمي أهل الطائف بالمنجنيق، وكاتخاذ الخندق. وما أمر به الرسول فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعضه، وسواء فعل على عهده صلى الله عليه وسلم أو لا، فما فعل بعده بأمره من قتال المرتدين والخوارج المارقين، وفارس والروم


١ سورة الفرقان آية: ٣٣.
٢ سورة الفرقان آية: ٣٠-٣١.
٣ سورة الزمر آية: ٢٧.

<<  <   >  >>