للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والترك وإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وغير ذلك هو من سنته، ولهذا قال عمر بن عبد العزيز: "سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمور بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله".

وكما أن الله بين في كتابه مخاطبة أهل الكتاب، وأقام عليهم الحجة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وما حرفوا وبدلوا، وصدق بما جاءت به الرسل حتى إذا سمع ذلك العالم منهم المنصف وجده من أبين الحجة والمحاجة؛ ولا تنفع إلا مع العدل، وإلا فالظالم يجحد الحق الذي يعلمه، ويمتنع عن النظر والاستماع، وهو معرض كما أن الإحساس الظاهر كذلك. وطالب العلم يجتهد في طلبه من طرقه، ولهذا سمي مجتهدا، ولهذا قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ١ فالظالم ليس علينا مجادلته بالتي هي أحسن، فإن حرفوا الكلم أمكن معرفة ذلك، كما قال تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ} الآية، وإذا ذكروا حجة عقلية فهمت أيضا، وبين ما في القرآن من ردها كالنسخ قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٢. وعلى بعض ما في الآية اعتماد جميع المتكلمين حيث قالوا: التكليف إما تابع للمشيئة أو للمصلحة، وعلى التقديرين فهو جائز. ثم بين سبحانه وقوعه بتحريم الحلال في التوراة، وقد أحلها لإسرائيل، وأنه تحليل بخطاب ليس لمجرد البقاء على الأصل حتى يكون نسخا كما ادعاه بعضهم. والكلام الذي يخالف القرآن


١ سورة العنكبوت آية: ٤٦.
٢ سورة البقرة آية: ١٤٢.

<<  <   >  >>