للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تنْزيه كل منهما عما دخل فيهما من الباطل، وذلك باتباع الرسل. وقد بسطنا الكلام في هذا في غير هذا الموضع، وبينا ما جاءت به الشريعة من الطريقة الكاملة الجامعة، والمقصود هنا أن الإنسان يحس بأنه عالم كما يحس الطعام والشراب، كذلك العلم طعام القلب وشرابه كما في الحديث: "إن كل مؤدب يحب أن تؤتي مأدبته، وإن مأدبة الله هي القرآن" ١ كما قال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} ٢ الآية، وكما في قوله: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث" ٣ الحديث، فضرب مثل الهدى والعلم الذي ينزل على القلوب بالماء الذي ينزل على الأرض، وكما أن لله ملائكة موكلة بالسحاب فله ملائكة موكلة بالهدى، هذا رزق الأجساد وهذا رزق القلوب، ولهذا قال الحسن في قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} : "من أعظم النفقة نفقة العلم". وقال كعب بن عجرة: "ألا أهدي لك هدية"، ثم ذكر حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال معاذ: "عليكم بالعلم، فإن طلبه عبادة، وتعلمه لله حسنة، وبذله لأهله قربة، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، والبحث عنه جهاد، ومذاكرته تسبيح"؛ ولهذا كان معلم الخير يستغفر له كل شيء، وعكسه أولئك الذين يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

ختم الكتاب سنة ١٢٢٧. قال كاتب الأصل: آخر ما وجدت من خط ملخصه محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله وعفا عنه بمنه وكرمه.


١ الدارمي: فضائل القرآن (٣٣١٥) .
٢ سورة الرعد آية: ١٧.
٣ البخاري: العلم (٧٩) , ومسلم: الفضائل (٢٢٨٢) , وأحمد (٤/٣٩٩) .

<<  <   >  >>