للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فروض الكفاية أشد على الناس من فروض العين]

قال بعض العلماء: فروض الكفاية أشد على الناس من فروض العين لأن فرض العين تخص عقوبته تاركه، وفرض الكفاية تعم عقوبته كل من كان له قدرة.

فأوصيكم معشر الإخوان من الخاصة والعامة: أن ترغبوا فيما رغبكم الله فيه، وأن تهتموا به كاهتمامكم بدنياكم، لتسعدوا وتسلموا وتغنموا. الشأن كل الشأن بالاهتمام فيما يرضي الله عنكم، ويدفع الله به عنكم عقوبات الدنيا والآخرة. وعلى الإمام –وفقه الله- أن يبعث للدين عمالا كما يبعث للزكاة عمالا ليعلموهم دينهم، ويأمروهم وينهوهم، وهذا مما يجب على الإمام. أعانه الله على ذلك، ووفقه للقيام بوظائف الدين؛ نصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين.

وأوصيكم بالتوبة إلى الله عما فرطتم فيه من العمل بدينه، وتعلمه وتعليمه وتكميله، فإن الله -تعالى- أكمله لكم، وهو أعظم نعمة أنعم بها عليكم.

فالله الله في الأخذ بأسباب الفلاح والنجاة! وعلى كل منكم أن يحاسب نفسه لربه قبل القدوم عليه، والرجوع إليه. ولا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنيّة. فاشكروا الله -تعالى- على ما أعطاكم، ومنَّ به عليكم من دين الإسلام، وما حصل به من النعم التي لا تحصى.

وقد خطب نبيكم صلى الله عليه وسلم أصحابه وأنذرهم وحذرهم فقال:"إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ١ فاحذروا وحذِّروا؛ فإن الأمر عظيم، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ٢.

قال بعض العلماء في قوله: {أَنْ تَقُومُوا} فيه وجوب القيام لله فيما شرعه وأمر به، وقوله: {لله} فيه التنبيه على إخلاص العبد في قيامه لربه وطاعته؛ فجمعت هذه الآية العمل بالتوحيد وحقوقه ولوازمه، والقيام بذلك جدا واجتهادا.

ويشبه هذه الآية قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} ٣ إلى قوله: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ


١ البخاري: تفسير القرآن ٤٧٧٠ , ومسلم: الإيمان ٢٠٨ , وأحمد ١/٢٨١ ,١/٣٠٧.
٢ سورة سبأ آية: ٤٦.
٣ سورة إبراهيم آية: ٤٢.

<<  <   >  >>