للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكمة الله في ابتلاء المؤمنين]

...

[حكمة الله في ابتلائه المؤمنين]

بسم الله الرحمن الر حيم

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في رسالته إلى البويري:

فمن حكمة الرب تعالى أنه ابتلى عباده المؤمنين الذين يدعون الناس إلى ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الدين بثلاثة أصناف من الناس، وكل صنف له أتباع: الصنف الأول من عرف الحق فعاداه حسدا وبغيا كاليهود، فإنهم أعداء الرسول والمؤمنين كما قال تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} ١، {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ٢.

الصنف الثاني: الرؤساء أهل الأصول، الذين فتنتهم دنياهم وشهواتهم، لما يعلمون من أن الحق يمنعهم من كثير مما أحبوه وألفوه من شهوات الغي، فلم يعبئوا بداعي الحق، ولم يقبلوا منه دعوته.

الصنف الثالث: الذين نشؤوا في باطل وجدوا عليه أسلافهم، فهم يظنون أنهم على حق وهم على الباطل، فهؤلاء لم يعرفوا إلا ما نشؤوا عليه، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وكل هذه الأصناف الثلاثة وأتباعهم أعداء الحق من لدن زمن نوح إلى أن تقوم الساعة.

فأما الصنف الأول فقد عرفت ما قال الله فيهم، وأما الصنف الثاني فقد قال الله فيهم: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ٣. وقال عن الصنف الثالث: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} ٤. وقال: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} ٥.


١ سورة البقرة آية: ٩٠.
٢ سورة البقرة آية: ١٤٦.
٣ سورة القصص آية: ٥٠.
٤ سورة الزخرف آية: ٢٢.
٥ سورة الصافات آية: ٦٩، ٧٠.

<<  <   >  >>