للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما بعد: فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث تميم الداريرضي الله عنه أنه قال: "الدين النصيحة، ثلاثا، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ١ رواه مسلم فما أعظم شأن هذا الحديث، وأنفعه لمن عقله ورزق العمل به! ولقد أحسن من قال:

لقد نصحت لأقوام وقلت لهم ... أنا النذير فلا يغرركم أحد

وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وأوجب على الخلق طاعته واتباعه كما قال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} ٢ ...الآية، وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ٣ ...الآية، وقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} ٤ ...الآية.

قال شيخ الإسلام: الإيمان به تصديقه وطاعته واتباعه انتهى. والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.

[النهي عن لبس الحرير]

فإذا عقلت هذا الأصل، فاعلم أن الأحاديث قد تظاهرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الحرير وتحريمه على ذكور هذه الأمة، فقد أخرج البخاري ومسلم والنسائي عن حذيفةرضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" ٥.

وأخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي عنه عن أبي موسىرضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحل الذهب والحرير لأناث أمتي وحرم على ذكورها" ٦.

وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن عليرضي الله عنهقال:" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي " ٧ وأحاديث هذا الباب يتعذر استقصاؤها، فنبهت ببعضها على نوعها.


١ مسلم: الإيمان ٥٥ , والنسائي: البيعة ٤١٩٧ ,٤١٩٨ , وأبو داود: الأدب ٤٩٤٤ , وأحمد ٤/١٠٢.
٢ سورة النور آية: ٥٤.
٣ سورة النور آية: ٦٣.
٤ سورة الأعراف آية: ١٥٧.
٥ البخاري: الأطعمة ٥٤٢٦ , ومسلم: اللباس والزينة ٢٠٦٧ , والنسائي: الزينة ٥٣٠١ , وأحمد ٥/٣٩٦ ,٥/٣٩٧ ,٥/٤٠٨ , والدارمي: الأشربة ٢١٣٠.
٦ الترمذي: اللباس ١٧٢٠ , والنسائي: الزينة ٥١٤٨.
٧ النسائي: الزينة ٥١٤٤ , وأبو داود: اللباس ٤٠٥٧ , وابن ماجه: اللباس ٣٥٩٥.

<<  <   >  >>