ومعلوم أن أصحاب النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السابقين الأولين، والتابعين لهم بإحسانٍ قد فتحوا البلاد بعد موت النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسكنوا بالشام والعراق ومصر وغير هذه الأمصار، وهم كانوا أعلم بالدين, وأتبع له ممن بعدهم، وليس لأحد أن يخالفهم فيما كانوا عليه، فما كان من هذه البقاع لم يعظموه, أو لم يقصدوا تخصيصه بصلاة أو دعاء أو نحو ذلك، لم يكن لنا أن نخالفهم في ذلك، وإن كان بعض مَنْ جاء بعدهم من أهل الفضل والدين فعل ذلك؛ لأن اتباع سبيلهم أولى من اتباع سبيل من خالف سبيلهم، وما من أحد نُقِلَ عنه ما يخالف سبيلهم إلّا وقد نقل عن غيره ممن هو أعلم وأفضل منه أنه خالف سبيل هذا المخالف، وهذه جملة جامعة لا يتسع هذا الموضع لتفصيله، وقد ثبت في الصحيح:"أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلّى فيه ركعتين"، ولم يصل بمكان غيره، ولا زاره".