للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها، هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا، وليست مماثلة لها بل بينهما من التباين ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فالخالق سبحانه وتعالى أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق، ومباينته لمخلوقاته أعظم من مباينة موجود الآخرة لموجود الدنيا، إذ المخلوق أقرب إلى المخلوق الموافق له في الاسم من الخالق إلى المخلوق، وهذا بين واضح١.

ثالثًا: الاتفاق في الاسم لا يلزم منه تماثل المسمى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الله سبحانه وتعالى سمى نفسه وصفاته بأسماء وسمى بها بعض المخلوقات.

فسمى نفسه حيًّا عليمًا سميعًا بصيرًا عزيزًا جبارًا متكبرًا ملكًا رؤوفًا رحيمًا.

وسمَّى بعض عباده عليمًا، وبعضهم حليمًا، وبعضهم رؤوفًا رحيمًا، وبعضهم سميعًا بصيرًا، وبعضهم ملكًا، وبعضهم عزيزًا، وبعضهم جبارًا متكبرًا.

ومعلوم أنه ليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم، ولا السميع كالسميع، وهكذا في سائر أسماء الله.

قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} ٢.

وقال: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} ٣.


١ المصدر السابق ص ٤٧
٢ الآية ٣٠ من سورة الإنسان
٣ الآية ٢٨ من سورة الذاريات

<<  <   >  >>