أن ماء الجنة لا يفسد ولا يأسن، ولبنها لا يتغير طعمه، وخمرها لا يصدع شاربها ولا ينزف عقله، فإن ماءها ليس نابعًا من تراب ولا نازلاً من سحاب مثل ما في الدنيا، ولبنها ليس مخلوقًا من أنعام كما في الدنيا وأمثال ذلك.
فإذا كان المخلوق يوافق ذلك المخلوق في الاسم وبينهما قدر مشترك وتشابه فعلم به معنى ما خوطبنا به، مع أن الحقيقة ليست مثل الحقيقة.
فالخالق جل جلاله أبعد عن مماثلة مخلوقاته مما في الجنة لما في الدنيا، فإذا وصف نفسه بأنه حي عليم سميع بصير قدير لم يلزم أن يكون مماثلاً لخلقه، إذ كان بعدها عن مماثلة خلقه أعظم من بعد مماثلة كل مخلوق لكل مخلوق، وكل واحد من صغار الحيوان له حياة وقوة وعمل وليست مماثلة للملائكة المخلوقين، فكيف يماثل رب العالمين شيئًا من المخلوقين"١.
رابعًا: توضيح المسألة من جهة اللغة ثم الشرع:
يشكل على البعض كون الله سمى نفسه بصفات وسمى عباده بنظير ذلك، فيتردد عند ذلك هل يثبت تلك الصفات لله حقيقة أم لا؟.
فمن أجل توضيح هذه المسألة أقول: اعلم وفقك الله أن الألفاظ منها:
ا- ما هو مترادف: هو ما اختلف لفظه واتحد معناه.
مثال ذلك: الليث- الأسد- أسامة- الغضنفر.
هذه ألفاظ مختلفة والمسمى بها واحد، فتسمى الألفاظ المترادفة.
٢- ما هو مشترك: وهو ما اتحد لفظه واختلف معناه.
مثال ذلك: لفظ: " العين ":
١ رسالة في العقل والروح لابن تيمية ٢/٤٢- ٤٣ (مطبوعة ضمن المجموعة المنيرية) بتصرف