للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.

ولكن لفظ "التشبيه" قد صار في كلام الناس لفظًا مجملاً يراد به:

ا- المعنى الصحيح: من أن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات، ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته، وهذا ما دل عليه القرآن، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فهذا رد على الممثلة المشبهة.

فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوقين فهو المشبه المبطل المذموم، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق فهو نظير النصارى في كفرهم.

٢- المعنى المردود: أن يراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات فلا يقال: له قدرة، ولا علم، ولا حياة، لأن العبد موصوف بهذه الصفات ولازم هذا القول إنه لا يقال له: حي، عليم، قدير، لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذلك كلامه وسمعه وبصره وإرادته وغير ذلك١.

وأصل الخطأ والغلط توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين، وليس كذلك، فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقًا كليًّا، بل لا يوجد إلا معينًا مختصًّا.

وهذه الأسماء إذا سُمي الله بها كان مسمَّاها معينا مختصا به.

فإذا سُمي بها العبد كان مسماها مختصًّا به.

فوجود الله وحياته لا يشاركه فيها غيره، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره، فكيف بوجود الخالق؟

وبهذا ومثله يتبين لك أن المشبهة أخذوا هذا المعنى فزادوا فيه على الحق


١ شرح الطحاوية ص ٩٩ بتصرف

<<  <   >  >>