للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سبحانه لم يكلف العباد ذلك ولا أراده منهم ولم يجعل لهم إليه سبيلاً.

وكثير من المخلوقات لم يجعل الله للعباد سبيلاً إلى معرفة كنهها وكيفيتها، فهذه أرواح الخلائق التي هي أدنى إليهم من كل دان قد حجب عنهم معرفة كنهها وكيفيتها، وقد أخبرنا الله عن تفاصيل يوم القيامة وما في الجنة والنار، فقامت حقائق ذلك في قلوب أهل الإيمان وشاهدته عقولهم ولم يعرفوا كيفيته وكنهه، فلا يشك المسلمون أن في الجنة أنهارًا من خمر وأنهارًا من عسل، ولكن لا يعرفون كنه ذلك ومادته وكيفيته كما قال ابن عباس: "ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء".

فكذا الأسماء والصفات لا يمنع انتفاء نظيرها في الدنيا من فهم معانيها وحقائقها والإيمان بذلك واعتقاد اتصاف الله بها١.

فإيماننا صحيح بحق ما كلفنا به، وإن لم نعرف حقيقة ماهيته وكيفيته، والله أعلم.

وهذه الأسس الثلاثة يجب الأخذ بها جميعًا، ولا يجوز الإخلال بشيء منها، فهذا ما كان عليه معتقد السلف من هذه الأمة ومن سار على نهجهم.

وهم بهذا توسطوا في هذا الباب بين طائفتين ضلتا في هذا الباب هما:

ا- المعطلة ٢٠- المشبهة.

فمعتقد السلف هو الإثبات بلا تشبيه، والتنزيه بلا تعطيل، فهم لا ينفون عن الله ما سمى أو وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العلى ويحرفوا الكلم عن مواضعه، ويلحدوا في أسمائه وآياته كما فعل المعطلة.

كما أنهم لا يشبهون صفات الله بصفات خلقه كما فعل المشبهة.


١ مدارج السالكين ٣/٣٥٨

<<  <   >  >>