القول الفصل في أَبِي سعيد الحبشي وأَبُو سعيد الحبشي هَذَا لا يعرف في الصحابة، ولا ذكر له في الكتب المؤلفة فيهم، ولم يعرف اسمه إلا في المئين المتأخرة، واحتمال وجوده عقلا وتعميره وعدم مخالطته للناس أو سكناه في محل بعيد فلم يشتهر إلى أن عرف أخيرا لا يفيد مع ورود الشرع بْنفيه كما قدمنا عن الْحَافِظ ابْن حجر في العمر، والذي يظهر أنه كان له اجتماع روحاني أو مثالي في اليقظة وصافحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأطلق عند الإخبار، ولم يبين الحالة التي كان عليها حالة المصافحة، ولما سمع ذلك من لم يعرف حقيقة الواقعة، قَالَ: إنه صحابي.
وهَذَا هو اللائق في هَذَا المقام.
فإن الشَّيْخ محمود الاسفراييني، والسيد أمير علي الهمداني اللذين رويا المصافحة عَنْهُ لا يكونان قد اختلقا هَذَا، لما ثبت من ثقتهما وعدالتهما وصلاحهما نفع اللَّه بهما وبأمثالهما من الصادقين، ولا يخفى أن كثيرا من الأولياء الكاملين والعلماء العاملين وأرباب القلوب الصادقين يرونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يقظتهم ويسمعون خطابه الكريم، وقد يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويستفيدون منهم فوائد كما نص عليه الغزالي وغيره.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بكر بْن العربي في كتابه، قانون التأويل: ذهبت الصوفية إلى أنه إذا حصل للإنسان طهارة النفس وتزكية القلب، وقطع العلائق وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال والخلطة بالجنس والإقبال على اللَّه تعالى بالكلية علما دائما وعملا مستمرا كشفت له القلوب ورأى الملائكة وسمع أقوالهم واطلع على أرواح الأنبياء وسمع كلامهم انتهى بْنقل علامة العراق السيد محمود شكري الآلوسي صاحب غاية الأماني، في كتابه الفتوحات الإلاهية.
وهي رؤيا روحانية وجمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني لا يدرك حقيقته