وإلى أن يرث الله الارض ومن عليها، وذلك لانها خاتمة الرسالات للناس أجمعين وليست بعدها رسالات ولا معجزات أخرى، ويكفى في تفوقها أنها جمعت فأوعت كل ما تحتاج إليه البشرية من أصح العقائد الحقة وأسمى المبادئ القويمة وأرقى المناهج للصلاح والاصلاح والفلاح، وأخلص العبادات الموصلة قولا وعملا إلى رضوان الله تعالى وسعادة الدارين.
وكل الذين هداهم الله ووفقهم إلى قراءة القرآن وتدبر آياته من يوم أن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وإلى ما شاء الله يؤمنون بقدسيته ويقرون بروعته البيانية ويشعرون بلمساته الروحية ويأنسون بنفحاته السماوية، ويرجع ذلك إلى حقيقة ذاتية في القرآن تتمثل في كيانه القائم على الحق وفى أسراره العلوية التى
تكمن وراء ألفاظه ومعافيه والتى تتجلى في جاذبيته الآلهية التى تأخذ بقلوب مرتليه وسامعيه، وليس أدل على ذلك من أن أبلغ بلغاء العرب من قريش كانوا إذا سمعوا آيات الله تتلى عليهم يستولى على مشاعرهم سحر بلاغتها، وقد بلغ من افتتان بعضهم بها أنهم كانوا يتسللون فرادى في دجى الليل على مقربة من دار النبي ينصتون إلى تلاوة القرآن فتملاهم تلاوته إعجابا وتقديرا واستمتاعا بما فيه من حلاوة وطلاوة وسمو روحي يأخذ بألبابهم، ومن عجيب أمر هؤلاء العرب الذين أنكروا القرآن وإعجازه في الاداء والبيان هم أبناء الامة التى كان لها غرام بالبلاغة والفصاحة حتى أنهم كانوا يعقدون الاسواق الادبية كل عام ليعرض فيها الادباء والشعراء إنتاج مواهبهم ويدعون الحكام للحكم بين الشعراء والادباء لتكريمهم والاحتفال بالنوابغ منهم.
دلائل إعجاز القرآن: اشتمل القرآن الكريم على عدة دلائل قوية وبراهين دامغة على أنه المعجزة الكبرى وأنه آية من آيات الله العظمى الخالدة على الدهر ومن ذلك: