أولا: بلاغته الفريدة في نظمه ولفظه وأسلوبه ومخالفته لمناهج العرب في فصاحتهم وبلاغتهم التى كانوا يعتزون بنبوغهم فيها، إذا لم يكن شعرا موزونا ولا نثرا مرسلا ولا سجعا مقفى وإنما هو نهج مستقل قائم بذاته في جمال عباراته العذبة وصياغة معانيه السامية التى لم يكن للعرب عهد بمثلها من قبل حتى أن بلغاءهم ما كانوا لا يدرون من أي ناحية من نواحيه يتملك مشاعرهم ويستولى على عقولهم وكانوا من فرط حيرتهم في وصفه يقولون عنه إنه السحر وما هو بالسحر.
ثانيا: حفل القرآن بالكثير من قصص الانبياء والرسل وأخبار الامم السابقة وأحوالهم بما يطابق الصادق المؤكد مما جاء في كتب أهل الكتاب من اليهود
والنصارى، مع أن النبي صلوات الله وسلامه عليه نشأ أميا لا يقرأ ولا يكتب وقومه يعلمون أنه لم يدرس ولم يتعلم على يد أحد شيئا من العلم، فمن أين له هذه الانباء والمعلومات عن الرسل والانبياء وعن التاريخ القديم للامم والشعوب؟ إنه لا شئ سوى الوحى الذى يوحى إليه من ربه الذى يقول في كتابه العزيز في سورة العنكبوت - آية ٤٨:(وما كنت تتلو قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون) ، ولما تملكتهم الحيرة في شأن القرآن وروعته افتروا على الله الكذب وأدعوا أن أحد فتيان الروم علمه سرا هذه الاخبار كلها وهذا كذب صراح لان هذا الرومي المزعوم كان أعجميا لا يحسن العربية، ويكذب القرآن افتراءهم هذا بقوله تعالى في سورة النحل آية - ١٠٣:(ولقد نعلم أنهم يقولون أنما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربي مبين) .
ثالثا: لم يقتصر القرآن على ذكر أخبار أحوال الامم الماضية وأنبيائهم ورسلهم وما جرى من الحوادث التى مضى عليها زمن طويل بل أخبر كذلك عن أمور سوف تقع في المستقبل وقد تحقق فعلا وقوعها، ومن ذلك ما أخبر به