واردة في قصر الخوف وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة، وأما قيد (وإذا ضربتم في الأرض) فبأن أكثر وقائع صلاته عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف ووقائع السفر، إلا واقعة غزوة الأحزاب في المدينة، فاتفق السفر مع صلاة الخوف، وأما نزول آية القصر قبل غزوة الأحزاب أو بعدها فمختلف فيه، قال الشافعية: نزولها بعدها، وتركه عليه الصلاة والسلام الصلاة في غزوة الخندق كان لعدم نزول القصر فيها، ويجوزون الصلاة حال المسايفة، ونقول: إن وجه تأخيره الصلوات عدمُ جواز الصلاة حالة المسايفة، وقال الموالك: إن وجه التأخير أن الصحابة كانوا قريب أربع عشر مائة رجل، فما فرغوا من الوضوء إلا وغرب الشمس، وهذا لا يجري إلا في تأخير العصر لا في غيرها، وتأخير غيرها أيضاً ثابت، فعلى هذا القول لا يمكن للشافعية الاستدلال على قصر العدد، لأن ورود الآية في قصر الصفة لا قصر العدد، ثم هاهنا صور أربعة:
الخوف والسفر، ففيه قصر العدد والصفة.
والخوف فقط، وفيه قصر الصفة.
والسفر فقط، وفيه قصر العدد.
وعدمهما، فعدمهما.
وإن قيل: يرد على هذا التفسير رواية مسلم ص (٢٤١) : «إنها صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته. . إلخ» ، فإن قصر الخوف مشروط بشرط الخوف بخلاف السفر، فدل أن الآية في قصر العدد، والجواب ما في ترجمة الموطأ للشاه ولي الله: أن في السفر بلا خوف قصر عدد أيضاً صدقة، ولكنه تشريع مستأنف، وعبارة شرح الموطأ ص (١٤٩) : (هذه استدلال كرده أندبر اتفاقي بودن قيد بحديث مسلم عن يعلى بن أمية فقير ميگويدكه اين استدلال مدخول است ذيراكه مى گريم كه معنى جواب آن است كر قصر مسافة شرع جديد است وتخفيف إذا ابتداء إزخدائي تعالى) انتهى ملخصاً. فلا تكون الآية أيضاً دليل الشافعية.
أما استدلالات الأحناف وغيرهم فكثيرة، ذكرها الطحاوى وأطنب ابن تيمية، ولا أستوعبها، فإني أستوعب الأجوبة مهما أمكن، ولا استوعب الاحتجاجات، ومنها حديث الصحيحين عن عائشة: «كانت الصلوات ركعتين ركعتين، ثم زيدت فيها بعد الهجرة إلى المدينة، وأُقرَّت صلاة السفر. . إلخ) ، فدل الحديث على أن قصرالمسافر ليس بقصر بل على أصله، فكيف قلتم أيها الشافعية: إن في الآية قصر عدد، فإنه يقتضي أن تكون صلاة المسافر مقصورة لا على ما كانت قبل، وحديث عائشة يدل على أن صلاة المسافر باقية على ما كانت قبل، وإن قيل: إن ظاهر القرآن يدل على القصر فنقول: أولاً: إنه قصر الصفة لا قصر العدد، وثانياً: إن أول الآية أي {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ}[النساء: ١٠١] في قصر العدد، باقيها في قصر الصفة، فإذن قولكم أيها الشافعية بأن الآية نزلت في قصر العدد، إن حكم