للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلابة ونعمان واسطة غير مذكورة هاهنا، أقول: إن كانت الواسطة فبلال بن عامر وهو ثقة، فلا ريب في جودة الرواية، وتأول فيها الحافظ بأن المراد من الركعتين الركوعان، وسؤاله عليه الصلاة والسلام كان بالإشارة، أقول: إن التأويل غير نافذ لأن المسجد كان غاصاً وكان الناس مجتمعين، وفي الروايات أن البعض غشي عليه وألقي الماء على رأسه، فقول السؤال بالإشارة في مثل هذه الحالة بعيد، وأيضاً قد أخرج الحافظ عن مصنف عبد الرزاق مرسلاً عن أبي قلابة وصححه وفيه أنه عليه الصلاة والسلام كان يرسل رجلاً: هل انجلت؟ إلخ، وإذا صححه الحافظ فلا بد عن قبوله سيما إذا كان المرسل مقبولاً عند الجمهور، وأيضاً أخرجه أبو داود عن أبي قلابة من نعمان فصار متصلاً، ومنها ما رواه عبد الرحمن بن سمرة فصارت أدلتنا سبعة، وأجاب الشافعية عن أدلتنا بأن هؤلاء الرواة نافون واقتصروا الرواية، ولم يذكروا الركوع الثاني وغيرهم مثبتون والمثبت مقدم على الثاني، أجاب الطحاوي مناظرة أن رواتنا أزيد إثباتاً، فإنا نقول ونزيد مع كل ركوع سجدة، وتفصيل هذه المناظرة في الطحاوي، وأخرج العيني رواية الركوع الواحد عن علي عن مسند أحمد ورأيت في مسند أحمد ففيه عن علي ذكر أربع ركوعات، وفي سنده حنش بن ربيعة إلا أن نسخ عمدة القاري ومسند أحمد مملوءة من الأغلاط من الناسخين، ولكني رأيت في سائر الكتب ففيها أربع ركوعات عن علي، وأما جواب الأحاديث من جانب الأحناف فما ذكره المتأولون من التأويلات المعروفة، والجواب ما قال مولانا مد ظله العالي: بأنه عليه الصلاة والسلام ركع ركوعات بلا ريب، وأما قوله فهو للأحناف والقول مقدم على الفعل، وأما القول فرواه أبو داود عن قبيصة الهلالي، قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد فعله: «فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة. . إلخ» أي الفجر فيكون التشريع القولي للأحناف، وإن قيل من جانب الشافعية

: إن تشبيه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الركعتين لا في الركوعات، فقال مولانا مد ظله العالي: إن هذا عين جعل البديهي نظرياً ولا يقبله أحد من العقلاء، وقال الظاهرية في شرح حديث قبيصة: إن مراده أنه إن انكسف الشمس بعد الصبح فصلوا ركعتين وإن كان بعد الظهر والعصر فصلوا أربع ركعات، لكنه تأويل محض، ويرده ما في رواية البغوي: «فصلوا كأخف صلاة صليتموها من المكتوبة» فإذا كان لنا قوله، والحديث صريحاً وصحيحاً بإقرار المحدثين فسَّر تعدد ركوعه عليه الصلاة والسلام في فعله غير واجب علينا ولو نبترع فنقول: إن الركوع الثاني كان ركوعاً عند الآيات وركوع التخشع والتخضع فالركوع الثاني ليس ركوعاً صلويّاً، وأما نظائر ركوع الخضوع والآيات فمنها ما في أبي داود والترمذي ص (٢٢٩) ج (٢) أن ابن عباس سجد عند موت ميمونة فسئل؟ فقال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بالسجدة عند الآيات، وأي آية عظمى من وفات زوجة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرفع السجدة عند الآيات إلى صاحب الشريعة ومنها ما في عامة كتب السير أنه عليه الصلاة والسلام دخل مكة حين أراد فتح مكة فخرجت بنات مكة يرين النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وشوكة عسكره فسجد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الراحلة حتى واصل ذقنه الرحل، وكانت في سجدته ألفاظ التضرع والابتهال، ومنها أنه مر بديار ثمود فلما مر على

<<  <  ج: ص:  >  >>