للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بير كانت ناقة صالح تشرب منها أمر أصحابه بالخروج من هذا الوادي مسرعين، ولا يأخذ أحد ماءاً من هذا البير، وأسرع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحنى رأسه مقنعاً، فانحناء رأسه كان ركوعاً عند الآية، ومنها ما في أثرٍ سندُه متوسط أن أبا بكر رأى نغاشاً، فركع عند رؤيته، فركوعه كان ركوع تضرع وخضوع، فإذن نقول: - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى الجنة والنار متمثلين في جدار القبلة كما في الصحيحين، فهذه آية من آيات الله كما تدل عليه خطبته، فيكون الركوع الثاني ركوع آية وتضرع، وإن قيل: إن المذكور في ما نحن فيه ركوع وفي الحديث الدال على السجود عند الآية هو سجود قلت: إن الركوع والسجود لا تخالف بينهما وقد قال أبو حنيفة بجواز الركوع بدل سجود التلاوة في داخل الصلاة وخارجها، وفي مصنف ابن أبي شيبة قالت جماعة من التابعين بجواز أداء سجدة التلاوة في ضمن الركوع، وفي مصنف ابن أبي شيبة أن أبا عبد الرحمن السلمي كان إذا قرأ آية سجدة يسلم إلخ، فمراده الركوع والانحناء كما قال أبو حنيفة فهذا ما ذكر كان تحت المذهب، وأما الجمع بين الأحاديث فعندي احتمال في جمعها لكن هذا احتمال محض لا يساعده النقل ولا أزعم أنه مراد الراوي، وأما الاحتمال من حيث العربية فلا يعد فيه أصلاً، وهو جعل صلاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثمان ركعات بثمان ركوعات وسجودات ولكن هذا ظرافة محضة، والحق أن الروايات التي أعلها الأئمة معلولة، وأما الجمع بين الروايات الدالة على وحدة الركوع وتثنية الركوع في فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم أجده بما يساعده النقل والرواية، وأما الاحتمالات العقلية فليست بمتعذرة على اللبيب الأريب.

قوله: (حديث حسن صحيح) أقول: إن حديث الباب معلول بتاً، فإنه أخرجه مسلم ص (٢٩٩) وأبو داود ص (١٢٥) سنداً ومتناً، وفيها أربع ركوعات، وهاهنا ثلاثة ركوعات، وذلك أيضاً معلول على ما مر سابقاً، وفي مسلم ص (٢٩٩) بعد ذكر حديث ابن عباس، وعن علي مثل ذلك الخ، ولم أحصل ما قال مسلم، فإنه ذكر عن علي مثل ما عن ابن عباس مرفوع أم موقوف، وأما ما وجدت في الخارج ففي تهذيب الآثار للطبري أن عليّاً صلى الكسوف بكوفة وركع في الأولى خمس ركوعات في الركعة الأولى والثانية ثم قال بعده: لم يصل مثل ما صليت أحد بعده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله أعلم، وأما أثر ابن عباس ففي معاني الآثار أنه ركع في الأولى ثلاث ركوعات وفي الثانية ركوعاً واحداً، وأما المرفوعات عن ابن عباس مختلفة فإن الترمذي روى عنه ركوعين في ركعة وفي أبي داود ومسلم أربع ركوعات، فاختلف الرواة على راوٍ واحدٍ عن فعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>