للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متمحضة للثواب، ويتوهم على مختار الشافعية وابن همام ارتفاع باب مكروهات الصلاة التحريمة، ولم يتوجه الشيخ إلى دفع هذا الاعتراض في التحرير والفتح ولا شارح التحرير المحقق ابن أمير الحاج، ثم بدا لي أن هذا الباب ليس بمرتفع، فإن الكراهة إذا انسحبت على تمام الصلاة مثل كونها في الوقت المكروه فتكون باطلة، وإذا كانت الكراهة في بعض أجزاء الصلاة التي حقيقة مركبة ممتدة لا تكون الصلاة باطلة، ثم في عبارة لنا أن علة النهي قبح الشيء، والقبح إما لعينه أو لغيره والغير إما لازم أو مجاور، وإذا كان العلة قبيحة لعينه فالنهي يدل على البطلان، وإن كان القبح لغيره فإن كان الغير لازماً فتعرض الشيخ ابن همام إلى الحرمة وعدمها ولم يتعرض إلى البطلان وعدمه وإن كان الغير مجاوراً مثل البيع عند السعي إلى الجمعة فلا يقتضي البطلان وقال الشيخ ابن همام في التحرير: إن النهي إن كان للغير المجاور لا يكون المنهي إلا مكروهاً تحريماً ولا يثبت به الحرمة وإن كان الدليل قطعياً ثبوته ولي في هذا نظر فإن صاحب الهداية قال في موضع؛ أي في الأذان: إن البيع عند أذان الجمعة حرام، وقال في البيع: إنه مكروه تحريماً، وقد اتفقوا على أن النهي لأمر مجاور وأيضاً في مختصر القدوري: أن الرجل الصحيح إن صلى الظهر في بيته ولم يسع إلى الجمعة أصلاً فإنها مكروهة، وقال الشيخ ابن همام إنها حرام ولكنها صحيحة وكذلك في بعض أنه إذا خالع الرجل وكان النشوز من جانبه فأخذ المال من زوجته ارتكب الحرام مع صحة الخلع والله أعلم وجهه ثم قال ابن تيمية في موضع: إن الشارع يرفع المعاصي بالنهي ويوفرها الذين قالوا بالصحة مع النهي، أقول: إن الأحناف لم يوفر المعاصي فإنهم حكموا بالكراهة تحريماً، والمكروه تحريماً حرام لما قال محمد رحمه الله وقال ابن تيمية، إنا عرفنا بالاستقراء أن النهي الوارد على كل من التصرفات أعم من أن تكون بعض جزئياتها مشروعة أو لا

يقتضي البطلان ولا يترتب الحكم عليها، ويرد عليه الصلاة في الأرض المغصوبة وهي صحيحة مع الكراهة عند الثلاثة، وباطلة عند أحمد، وقال ابن تيمية: إن النهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة إنما هو لتعلق حق الغير بها والصلاة فيها صحيحة، وكذلك قال في تلقي الجلب: إن النهي من جانب الناس وتعلقهم ولو تلقى أحد الجلب صح بيعه، وقال ابن تيمية ببطلان البيع عند الأذان خلاف الأحناف والشافعية، ثم قال: إن السلف كانوا يحكمون ببطلان شيء متمسِّكين بلفظ النهي مطرداً، ويرد عليه أن ابن عمر طلق امرأته حال الطمث والطلاق صار معتبراً، والحال أن الطلاق في حالة الطمث منهي عنه، وقال ابن تيمية: إن طلاقه باطل وقال في شرح (أرأيت إن عجز واستحمق) إلخ: أتتغير أحكام الشريعة وإن عجز واستحمق بل لا يقع الطلاق، وقال الجمهور في شرحه (أرأيت إن عجز واستحمق) إلخ: أي تتعطل أحكام الشريعة وإن عجز واستحمق، أي يقع الطلاق ولا يندفع، أقول: كيف يقول ابن تيمية بأن طلاقه غير معتبر والحال أنه عليه الصلاة والسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>