للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالأفضل عند الشافعي ومالك الإفراد ثم التمتع ثم القران، وقال أحمد: الأفضل التمتع بغير سوق الهدي ثم الإفراد ثم القران، وقال أبو حنيفة: الأفضل القران ثم التمتع ثم الإفراد ثم هاهنا اختلاف في أن الإفراد الفاضل من القران هو الإفراد بالحج محض أو الإفراد بالحج ثم العمرة، ويسمى هذا إفراداً في الاصطلاح، وأما الإفراد الذي يكون فيه الحج والعمرة في سفرين فنص محمد في موطئه على أن هذا الإفراد أفضل من القران، فإنه قال: حجة كوفية وعمرة كوفية أفضل عندنا، ثم لمصنفينا كلام في أن هذا المذكور هو مختار محمد فقط أو هو قول شيخيه أيضاً، ومبنى الاختلاف في الأفضلية الاختلاف في حجته فقال الشافعي ومالك: إنه كان مفرداً. وقال أبو حنيفة: إنه كان قارناً، وقال أحمد بن حنبل: إنه كان قارناً إلا أنه تمنى التمتع بغير سوق الهدي لما في الصحيحين: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي» ، وأما أتباع الشافعي فقالوا: إنه كان قارنا، مآلاً أي أفرد بالحج أولاً ثم قارن لرد زعم الجاهلية من أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وسيأتي كلامنا في هذا إن شاء الله تعالى، وإنما قال الشافعية: بأنه كان قارناً لأنه لا يمكن لهم إنكاره بسبب وفور الروايات، وإنما قالوا بالتداخل أي إدخاله العمرة على الحج، والحال أن الروايات الدالة على قرانه آبية عن هذا أشد إباءٍ، والعجب من الحافظ أنه قال بإدخاله العمرة على الحج وقرانه في المآل لا من بدء الإحرام، وأغمض عن كثير من الروايات، ومثل هذا عن مثل هذا الجبال بعيد، ثم للشافعية فيما بينهم اختلاف في أن الإفراد الأفضل على القران هو الحج الواحد أو الحج وبعده العمرة، ولعلهم يفضلون القسم الثاني من الإفراد، ثم حجته مختلفة فيما بين الصحابة فإن بعضهم يقول: إنه كان قارناً، وبعضهم: أنه متمتع، وبعضهم: أنه مفرد، بل اختلف الرواة على صحابي واحد مثل عائشة، فإنها تقول

في حديث الباب: إنه أفرد بالحج وفي بعض الروايات عنها تصريح القران أنه اعتمر مع حجته، وكذلك اختلف على جابر وغيره، وأسانيد كلها صحاح وحسان وصنف الطحاوي في حجته أزيد من ورقة كما في منهاج النووي شرح مسلم ص (٣٨٦) نقلاً عن القاضي عياض، وتكلم في معاني الآثار في عدة أوراق، وذهل الحافظ في إدراك مراده في معاني الآثار فإنه نسب إلى الطحاوي بأنه قائل بإدخاله العمرة على الحج كما تقول الشافعية، وأقول: إن هذه النسبة خلاف الواقع وخلاف تصريح الطحاوي بأنه كان قارناً من أول الأمر، نعم لكلام الطحاوي قطعتان الأولى في الجمع بين روايات الصحابة في حجته وقال فيه بإدخال، والقطعة الثانية في تحقيق إحرامه في الواقع وصرح في هذه القطعة بأنه كان قارناً من أول الإحرام وبدء الأمر، ثم قال علماء المذاهب الأربعة منهم الشيخ ابن همام والحافظ ابن حجر وابن قيم وبعض الموالك: إن التمتع المذكور في آية {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] تمتع لغوي أي تحصيل النفع وهو أداء الأمرين في سفر واحد، وهذا أعم من التمتع المصطلح والقران المصطلح، وقال البعض: إن التمتع الذي نسبه بعض الصحابة إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأحاديث أيضاً تمتع لغوي، وفي التفسير المظهري للقاضي ثناء الله

<<  <  ج: ص:  >  >>