للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرون: وهي الجامعة لما تقدم من الوجوه وهي معرفة الإلحاد في أسمائه حتى لا يقع فيه قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته ل ح د فمنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل قال ابن السكيت: "الملحد المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه" ومنه الملتحد وهو مفتعل من ذلك وقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً} أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجئ إليه وتبتهل فتميل إليه عن غيره تقول العرب التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه إذا عرف هذا فالإلحاد في أسمائه تعالى أنواع أحدها: أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه وقولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها فكلاهما ملحد في أسمائه ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>