"العين" يراد بها حقيقة الشيء المدركة بالعيان أو ما يقوم مقام العيان وليست اللفظة على أصول موضوعها لأن أصلها أن يكون مصدرا وصفة لمن قامت به ثم عبر عن حقيقة الشيء بالعين كما عبر عن الوحش بالصيد وإنما الصيد في أصل موضوعه مصدر من صاد يصيد ومن هاهنا لم يرد في الشريعة عبارة عن نفس الباري سبحانه وتعالى لأن نفسه سبحانه غير مدركة بالعيان في حقنا اليوم وأما عين القبلة وعين الذهب وعين الميزان فراجعة إلى هذا المعنى وأما العين الجارية فمشبهة بعين الإنسان لموافقتها لها في كثير من صفاتها وأما عين الإنسان فمسماة بما أصله أن يكون صفة ومصدرا لأن العين في أصل الوضع مصدر كالدين والزين والبين والأين وما جاء على بنائه ألا تراهم يقولون رجل عيون وعاين ويقولون عنته أصبته بالعين وعاينته رأيته بالعين وفرقوا بين المعنيين وكأن عاينته من الرؤية أولى من عنته لأنه بمنزلة المفاعلة والمقابلة فقد تقابلتما وتعاينتما بخلاف عنته فإنك تفرد بإصابته العين من حيث لا يشعر ومما يدل على أنها مصدر في الأصل قوله تعالى: {عَيْنَ الْيَقِينِ} كما قال: {عِلْمَ الْيَقِينِ}{حَقُّ الْيَقِينِ} فالعلم والحق مصدران مضافان إلى اليقين فكذلك العين هكذا قال السهيلي رحمه الله تعالى وفيه نظر لأن إضافة