للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يفهم هذا المعنى وإنما قال سبحان ربي فلم يعرج على ما ذكرتموه الثاني أنه يلزمه أن يطلق على الاسم التكبير والتحميد والتهليل وسائر ما يطلق على المسمى فيقال الحمد لاسم الله ولا إله إلا اسم الله ونحوه وهذا مما لم يقله أحد بل الجواب الصحيح أن الذكر الحقيقي محله القلب لأنه ضد النسيان والتسبيح نوع من الذكر فلو أطلق الذكر والتسبيح لما فهم منه إلا ذلك دون اللفظ باللسان والله تعالى أراد من عباده الأمرين جميعا ولم يقبل الإيمان وعقد الإسلام إلا باقترانهما واجتماعهما فصار معنى الآيتين سبح ربك بقلبك ولسانك واذكر ربك بقلبك ولسانك فأقحم الاسم تنبيها على هذا المعنى حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان لأن ذكر القلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالاسم دون ما سواه والذكر باللسان متعلقه اللفظ مع مدلوله لأن اللفظ لا يراد لنفسه فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبح دون ما يدل عليه من المعنى وعبر لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن هذا المعنى بعبارة لطيفة وجيزة فقال: "المعنى سبح ناطقا باسم ربك" متكلما به وكذا: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} المعنى سبح ربك ذاكرا اسمه وهذه الفائدة تساوي رحلة لكن لمن يعرف قدرها فالحمد لله المنان بفضله ونسأله تمام نعمته حجة ثالثة قالوا قال تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} وإنما عبدوا مسمياتها والجواب: أنه كما قلتم إنما عبدوا المسميات ولكن من أجل أنهم نحلوها أسماء باطلة كاللات والعزى وهي مجرد أسماء كاذبة باطلة لا مسمى لها في الحقيقة فإنهم سموها آلهة وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها وليس لها من الألوهية إلا مجرد الأسماء لا حقيقة المسمى فما عبدوا إلا أسماء لا حقائق لمسمياتها وهذا كمن سمى قشور البصل لحما وأكلها فيقال ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه وكمن سمى

<<  <  ج: ص:  >  >>