الفعل واو وأنه من غير لفظ كل فليس له دليل يعضده ولا اشتقاق يشهد له فإن قيل: فلم رجع الضمير إليها بلفظ الإفراد إذا كانت مثناة قيل: لما تقدم من رجوع الضمير على كل لذلك إيذانا بأن الخبر عن كل واحد واحد فكأنك قلت كل واحد من الرجلين قام وفيه نكتة بديعة وهي أن عود الضمير بلفظ الإفراد أحسن لأنه يتضمن صدور الفعل عن كل واحد منفردا به ومشاركا للآخر فإن قيل: فلم كسرت الكاف من كلا وهي من كل مضمومة قيل هذا لا يلزمهم لأنهم لم يقولوا إنها لفظة كل بعينها ولهم أن يقولوا كسرت تنبيها على معنى الإثنين كما يبتدئ لفظ الإثنين بالكسر ولهذا كسروا العين من عشرين إشعارا بتثنية عشر ومما يدل على صحة هذا القول أيضا أن كلتا بمنزلة قولك ثنتا ولا خلاف أن ألف ثنتا ألف تثنية فكذلك ألف كلتا ومن ادعى أن الأصل فيها كلواهما فقد ادعى ما تستبعده العقول ولا يقوم عليه برهان ومما يدل أيضا على صحته أنك تقول في التوكيد مررت بإخوتك ثلاثتهم وأربعتهم فتؤكد بالعدد فاقتضى القياس أن تقول أيضا في التثنية كذلك مررت بأخويك اثنيهما فاستغنوا عنه بكليهما لأنه في معناه وإذا كان كذلك فهو مثنى مثله فإن قيل فإنك تقول كلا أخويك جاء ولا تقول اثنا أخويك جاء فدل على أنه ليس في معناه قيل العدد الذي يؤكد به إنما يكون تأكيدا مؤخرا تابعا لما قبله فأما إذا قدم لم يجز ذلك لأنه في معنى الوصف والوصف لا يقدم على الموصوف فلا تقول ثلاثة إخوتك جاؤوني وهذا بخلاف كل وكلا وكلتا لأن فيها معنى الإحاطة فصارت كالحرف الداخل لمعنى فيما بعده فحسن تقديمهما في حال الإخبار عنها وتأخيرهما في حال التوكيد فهذا في هذا المذهب كما ترى.