ويربى على حال أمن وظهور لا تحت خوف واستسرار دخلت على في اللفظ تنبيها على المعنى لأنها تعطي الإستعلاء والإستعلاء ظهور وإبداء فكأنه يقول سبحانه وتعالى ولتصنع على أمن لا تحت خوف وذكر العين لتضمنها معنى الرعاية والكلاءة وأما قوله تعالى:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} فإنه إنما يريد برعاية منا وحفظ ولا يريد إبداء شيء ولا إظهاره بعد كتم فلم يحتج في الكلام إلى معنى على بخلاف ما تقدم هذا كلامه ولم يتعرض رحمه الله تعالى لوجه الإفراد هناك والجمع هنا وهو من ألطف معاني الآية والفرق بينهما يظهر من الإختصاص الذي خص به موسى في قوله تعالى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} فاقتضى هذا الإختصاص الإختصاص الآخر في قوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} فإن هذه الإضافة إضافة تخصيص وأما قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} فليس فيه من الإختصاص ما في صنع موسى على عينه سبحانه وتعالى واصطناعه إياه لنفسه وما يسنده سبحانه إلى نفسه بصيغة ضمير الجمع قد يريد به ملائكته كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} وقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} ونظائره فتأمله قال: وأما النفس فعلى أصل موضوعها إنما هي عبارة عن حقيقة الوجود دون معنى زائد وقد استعمل أيضا من لفظها النفاسة والشيء النفيس فصلحت للتعبير عنه سبحانه وتعالى بخلاف ما تقدم من الألفاظ المجازية وأما الذات فقد استهوى أكثر الناس ولا سيما المتكلمين القول فيها أنها في معنى النفس والحقيقة ويقولون ذات الباري هي نفسه ويعبرون بها عن وجوده وحقيقته ويحتجون في إطلاق ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "في قصة إبراهيم ثلاث كذبات كلهن في ذات الله" رواه البخاري ومسلم وقول خبيب وذلك في ذات الإله قال وليست هذه اللفظة إذا استقريتها في اللغة والشريعة كما زعموا ولو كان كذلك لجاز أن يقال عند ذات الله واحذر ذات الله كما قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} وذلك غير مسموع ولا يقال إلا بحرف في الجارة وحرف في للوعاء وهو معنى مستحيل على