الله كلها معنى واحد يختلف التعبير عنها دون المعنى المعبر عنه وهل هذا إلا دعوى يشهد الحس ببطلانها أم كيف يقال إن التوراة إذا عبر عنها بالعربية صارت قرآنا مع تميز القرآن عن سائر الكلام بمعانيه وألفاظه تميزا ظاهرا لا يرتاب فيه أحد وبالجملة فهذا الجواب منه بناء على ذلك الأصل والجواب الصحيح أن يقال: الحال المؤكدة لا يشترط فيها الاشتقاق والانتقال بل التنقل مما ينافي مقصودها فإنما أتى بها لتأكيد ما تقدمها وتقريره فلا معنى لوصف الاشتقاق والانتقال فيها أصلا وتسميتها حالا تعبير نحوي اصطلاحي وإلا فالعرب لم تقل لهذه حل حتى يقال كيف سميتموها حالا وهي وصف لازم وإنما النحاة سموها حالا فيا لله العجب من أن تكون تسميتهم الحادثة الاصطلاحية موجبة لاشتراط التنقل والاشتقاق فلو سماها مسم بغير هذا الاسم وقال هذه نصب على القطع من المعرفة إذا جاءت بعد معرفة أكان يلزمه هذا السؤال فقد بان لك ضعف ما اعتمده من الجواب وبالله التوفيق
عاد كلامه قال وأما قوله:{وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} فقد حكموا أنها حال مؤكدة ومعنى الحال المؤكدة أن يكون معناها كمعنى الفعل لأن التوكيد هو المؤكد في المعنى وذلك نحو قم قائما وأنا زيد معروفا هذه هي الحال المؤكدة في الحقيقة وأما {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} فليست بحال مؤكدة لأنه قال: {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ} وتصديقه لما معهم ليس في معنى الحق إذ ليس من شرط الحق أن يكون مصدقا لفلان ولا مكذبا له بل الحق في نفسه حق وإن لم يكن مصدقا لغيره ولكن مصدقا هنا حال من الاسم المجرور من قوله تعالى: {وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} وقوله: {وَهُوَ الْحَقُّ} جملة في معنى الحال أيضا والمعنى كيف تكفرون بما وراءه وهو في هذه الحال أعني مصدقا لما معكم كما تقول لا تشتم زيدا وهو أمير محسنا إليك فالجملة حال ومحسنا حال بعدها والحكمة في تقديم الجملة التي في موضع الحال على قولك محسنا ومصدقا أنك لو أخرتها لتوهم أنها في موضع الحال من