للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال كما إذا أشار إلى تمر يابس وقال هذا بسرا أطيب منه رطبا فإنه يصح ولو كان العامل في الحال هو الإشارة لم تصح المسألة الوجه الثالث: أنه لو كان العامل معنى الإشارة لوجب أن يكون الخبر عن الذات مطلقا لأن تقييد المشار إليه باعتبار الإشارة إذا كان مبتدأ لا يوجب تقديم خبره إذا أخبرت عنه ولهذا تقول هذا ضاحكا أبي فالإخبار عنه بالأبوة غير مقيد بحال ضحكه بل التقييد للإشارة فقط والإخبار بالأبوة وقع مطلقا عن الذات فاعتصم بهذا الموضع فإنه ينفعك في كثير من المواضع وإذا عرف هذا وجب أن يكون الخبر بأطيب وقع عن المشار إليه مطلقا الوجه الرابع: أن العامل لو لم يكن هو أطيب لم تكن الأطيبية مقيدة بالبسرية بل تكون مطلقة وإذا لم تكن مقيدة فسد المعنى لأن الغرض تقييد الأطيبية بالبسرية مفضلة على الرطبية وهذا معنى العامل وإذا ثبت أن الأطيبية مقيدة بالبسرية وجب أن يكون بسرا معمولا لأطيب فإن قلت: فلأجل هذا قدرنا الظرف المقيد حتى يستقيم المعنى وقلنا تقديره هذا إذا كان بسرا أطيب منه إذا كان رطبا أي هذا في وقت بسريته أطيب منه في وقت رطبيته قلت: هذا يحتاج إليه إذا لم يكن في اللفظ ما يغني عنه ويقوم مقامه فأما إذا كان معنا ما يغني عنه فلا وجه لتكلف إضماره وتقديره العامل في الحالين فإن قلت: لو كان العامل هو أطيب لزم منه المحال لأنه يستلزم تقييده بحالين مختلفين وهذا ممتنع قلت الجواب: عن هذا أن العامل في الحالين وصاحبهما متعدد ليس متحدا أما العامل في الحال الأولى فهو ما في أطيب من معنى الفعل لأنك إذا قلت هذا أطيب من هذا تريد أنه طاب وزاد طيبه عليه والطيب أمر ثابت له في حال البسرية قال سيبويه: "هذا باب ما ينصب من الأسماء على أنها أحوال وقعت فيها الأمور" وأما الحال الثانية وهي رطبا فالعامل فيه معنى الفعل الذي هو متعلق الجار في قولك منه فإن منه متعلق بمعنى غير الطيب لأن طاب يطيب لا يتعدى بمن ولكن صيغة الفعل تقتضي التفضيل بين شيئين مشتركين في صفة واحدة إلا أن أحدهما متميز من

<<  <  ج: ص:  >  >>