تقديم معمول أفعل التفضيل عليه وأما السؤال الرابع وهو تقديم معمول أفعل التفضيل عليه فالجواب عنه من وجهين أحدهما: لا نسلم امتناع تقديم معموله عليه وقولكم الاتفاق واقع على امتناع زيد منك أحسن غير صحيح لا اتفاق في ذلك بل قد جوز بعض النحاة ذلك واستدل عليه بقول الشاعر:
كأنه جنى النحل أو ... ما زودت منه أطيب
قال هؤلاء: وأفعل التفضيل لما كان في قوة فعلين جاز تقديم معموله عليه قالوا: وتقديمه أقوى من قولك أنا لك محب وفيك راغب وعندك مقيم ولاستقصاء الحجج في هذه المسألة موضع آخر الوجه الثاني: سلمنا امتناع تقديم معموله ولا يقال زيد منك أحسن فهذا الأمر يختص بقولهم منك لا يتعدى إلى الحال والظرف وذلك لأن منك في معنى المضاف إليه بدليل أن قولهم زيد أحسن منك بمنزلة زيد أحسن الناس في قيام أحدهما مقام آخر وإنهم لا يجمعون بينهما فلما قام مقام المضاف إليه لكونه المفضل عليه في المعنى كرهوا تقديمه على المضاف لأنه خلاف لغتهم فلا يلزم من امتناع تقديم معمول هو كالمضاف إليه امتناع تقديم معمول ليس كهو وهذا بين وجواب ثالث وهو أنهم إذا فضلوا الشيء على نفسه باعتبار حالين فلا بد من تقديم أحدهما على العامل وإن كان مما لا يسوغ تقديمه لو لم يكن كذلك فإذا فضلوا ذاتا باعتبار حالين قدموا أحدهما: على العامل وأخروا الآخر عنه فقالوا: زيد قائما أحسن منه قاعدا وكذلك في التشبيه أيضا يقولون زيد قائما كعمرو قاعدا وإذا جاز تقديم هذا المعمول على الكاف التي هي أبعد في العمل من باب أحسن فتقديم معمول أحسن أجدر والغرض هنا بهذا الكلام تفضيل هذه الثمرة في حال كونها بسرا عليها في حال كونها رطبا فصل عمل العامل الواحد في حالين وأما السؤال الخامس وهو متى يجوز أن يعمل العامل الواحد في حالين فقد فرغنا من جوابه فيما تقدم وأن ذلك يجوز إذا كانت إحدى الحالين متضمنة للأخرى نحو جاء زيد راكبا مسرعا وكذلك يعمل في الظرفين إذا تضمن أحدهما الأخر نحو: سرت يوم الخميس بكرة.