والعامل المعنوي لا يتصور تقديم معموله عليه لأن العامل اللفظي إذا تقدم عليه منصوبه الذي حقه التأخير قلت: فيه مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى فقسمت العبارة بين اللفظ والمعنى فإن لم يكن للعامل وجود في اللفظ لم يتصور تقديم المعمول عليه لأنه لا بد من تأخير المعمول على عامله في المعنى فلا يوجد تعد وعامله متقدم عليه لأنه منوي غير ملفوظ به فلا تذهب النية والوهم إلى غير موضعه بخلاف اللفظي فإن محل اللفظ اللسان ومحل المعنى القلب فإذا ذهب اللسان باللفظ إلى غير موضعه لم يذهب القلب بالمعنى إلا إلى موضعه وهو التقديم.
فصل:
وأما السؤال السابع: وهو كيف يتصور الحال في غير المشتق فاعلم أنه ليس لاشتراط الاشتقاق حجة ولا يقوم على هذا الشرط دليل ولهذا كان الحذاق من النحاة على أنه لا يشترط بل كل ما دل على هيئة صح أن يقع حالا فلا يشترط فيها إلا أن تكون دالة على معنى متحول ولهذا سميت حالا كما قال:
لو لم تحل ما سميت حالا ... وكل ما حال فقد زالا
فإذا كان صاحب الحال قد أوقع الفعل في صفة غير لازمة للفعل فلا تبالي أكانت مشتقة أم غير مشتقة فقد جاء في الحديث يتمثل لي الملك رجلا فوقع رجلا هنا حالا لأن صورة الرجلية طارئة على الملك في حال التمثل وليست لازمة للملك إلا في وقت وقوع الفعل منه وهو التمثل فهي إذا حال لأنه قد تحول إليها ومثله:{يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} ومثله: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} ومثله: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً} ويقولون مررت بهذا العود شجرا ثم مررت به رمادا وهذا زيد أسدا وتأويل هذا كله بأنه معمول الحال والتقدير يشبه بعيد جدا وكذا تأويل ذلك كله بمشتق تعسف ظاهر