بقوله عليك السلام عن ذلك فقال:"لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى " صحيح وسيأتي الكلام على هذا الحديث ومعناه في موضعه أفلا ترى كيف نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ابتداء السلام بصيغة الرد التي لا تكون إلا بعد تقديم سلام وليس في قوله: "فإنها تحية الموتى " ما يدل على أن المشروع في تحيات الموتى كذلك كما سنذكره وإذا كانوا قد اعتمدوا الفرق بين سلام المبتدئ وسلام الراد خصوا المبتدئ بتقديم السلام لأنه هو المقصود وخصوا الراد بتقديم الجار والمجرور الفائدة الثانية وهي أن سلام الراد يجري مجرى الجواب ولهذا يكتفي فيه بالكلمة المفردة الدالة على أختها فلو قال وعليك لكان متضمنا للرد كما هو المشروع في الرد على أهل الكتاب مع أنا مأمورون أن نرد على من حيانا بتحية مثل تحيته وهذا من باب العدل الواجب لكل أحد فدل على أن قول الراد وعليك مماثل لقول المسلم سلام عليك لكن اعتمد في حق المسلم إعادة اللفظ الأول بعينه تحقيقا للمماثلة ودفعا لتوهم المسلم عدم رده عليه لاحتمال أن يريد عليك شيئا آخر وأما أهل الكتاب فلما كانوا يحرفوا السلام ولا يعدلون فيه وربما سلموا سلاما صحيحا غير محرف ويشتبه الأمر في ذلك على الراد ندب إلى اللفظ المفرد المتضمن لرده عليهم نظير ما قالوه ولم تشرع له الجملة التامة لأنها إما أن تتضمن من التحريف مثل ما قالوا ولا يليق بالمسلم تحريف السلام الذي هو تحية أهل السلام ولا سيما وهو ذكر الله كما تقدم لأجل تحريف الكافر له وإما أن يرد سلاما صحيحا غير محرف مع كون المسلم محرفا للسلام فلا يستحق الرد الصحيح فكان العدول إلى المفرد وهو عليك هو مقتضى العدل والحكمة مع سلامته من تحريف ذكر الله فتأمل هذه الفائدة البديعة والمقصود أن الجواب يكفي فيه قولك وعليك وإنما كمل تكميلا للعدل وقطعا للتوهم الفائدة الثالثة: وهي أقوى مما تقدم أن المسلم لما تضمن سلامة الدعاء للمسلم عليه بوقوع السلامة عليه وحلولها عليه وكان الرد متضمنا لطلب أن يحل عليه من ذلك مثل ما دعا به فإنه إذا قال