منهما ضرب من الترجيح فيرجح كونه داخلا في جملة القول بأمور منها اتصاله به وعطفه عليه من غير فاصل وهذا يقتضي أن يكون فعل القول واقعا على كل واحد منهما هذا هو الأصل ما لم يمنع منه مانع ولهذا إذا قلت الحمد لله وسبحان الله فإن التسبيح هنا داخل في المقول ومنها أنه إذا كان معطوفا على المقول كان عطف خبر على خبر وهو الأصل ولو كان منقطعا عنه كان عطفا على جملة الطلب وليس بالحسن عطف الخبر على الطلب ومنها أن قوله:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} ظاهر في أن المسلم هو القائل الحمد لله ولهذا أتى بالضمير بلفظ الغيبة ولم يقل سلام على عبادي ويشهد لكون السلام من الله تعالى أمور أحدها: مطابقته لنظائره في القرآن من سلامه تعالى بنفسه على عباده الذين اصطفى كقوله سلام على نوح في العالمين سلام على إبراهيم سلام على موسى وهارون سلام على آل ياسين ومنها أن عباده الذين اصطفى هم المرسلون والله سبحانه يقرن بين تسبيحه لنفسه وسلامه عليهم وبين حمده لنفسه وسلامه عليهم أما الأول فقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} وقد ذكر تنزيهه لنفسه عما لا يليق بجلاله ثم سلامه على رسله وفي اقتران السلام عليهم بتسبيحه لنفسه سر عظيم من أسرار القرآن يتضمن الرد على كل مبطل ومبتدع فإنه نزه نفسه تنزيها مطلقا كما نزه نفسه عما يقول خلقه فيه ثم سلم على المرسلين وهذا يقتضي سلامتهم من كل ما يقول المكذبون لهم المخالفون لهم وإذا سلموا من كل ما رماهم به أعداؤهم لزم سلامة كل ما جاءوا به من الكذب والفساد وأعظم ما جاءوا به التوحيد ومعرفة الله ووصفه بما يليق بجلاله مما وصف به نفسه على ألسنتهم وإذا سلم ذلك من الكذب والمحال والفساد فهو الحق المحض وما خالفه هو الباطل والكذب المحال وهذا المعنى بعينه في قوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} فإنه يتضمن حمده بما له من نعوت الكمال وأوصاف الجلال والأفعال الحميدة والأسماء الحسنى وسلامة رسله من كل عيب ونقص