للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

وأما السؤال التاسع عشر: وهو دخول الواو في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم " رواه البخاري ومسلم فقد استشكلها كثير من الناس كما ذكر في السؤال وقالوا الصواب حذفها وأن يقال عليكم قال الخطابي يرويه عامة المحدثين بالواو وابن عيينة يرويه بحذفها وهو الصواب وذلك أنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوا بعينه مردودا عليهم وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه لأن الواو حرف العطف والاجتماع بين الشيئين قلت: معنى ما أشار إليه الخطابي أن الواو في مثل هذا تقتضي تقرير الجملة وزيادة الثانية عليها كما إذا قلت زيد كاتب فقال المخاطب وشاعر فإنه يقتضي إثبات الكتابة له وزيادة وصف الشعر وكذلك إذا قلت لرجل فلان محب لك فقال: ومحسن إلي عدة أصحاب الكهف ومن هنا استنبط السهيلي في الروض: "أن عدة أصحاب الكهف سبعة قال لأن الله تعالى عطف عليهم الكلب بحرف الواو" فقال: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} ولم يذكر الواو فيما قبل ذلك من كلامهم والواو تقتضي تقرير الجملة الأولى وما استنبطه حسن غير أنه إنما يفيد إذا كان المعطوف بالواو ليس داخلا في جملة قولهم بل يكون قد حكى سبحانه أنهم قالوا سبعة ثم أخبر تعالى أن ثامنهم الكلب فحينئذ يكون ذلك تقريرا لما قالوه وإخبارا بكون الكلب ثامنا وأما إذا كان الإخبار عن الكلب من جملة قولهم وأنهم قالوا وهذا وهذا لم يظهر ما قاله ولا تقتضي الواو في ذلك تقريرا ولا تصديقا فتأمله وأما قوله المحدثون يروونه بالواو فهذا الحديث رواه عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقولوا وعليكم" رواه البخاري ومسلم وأبو داود قال أبو داود: "وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار وقال فيه: "وعليكم" انتهى كلامه وأخرجه الترمذي والنسائي كذلك ورواه مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>