المتضمنة قدرته وإحسانه وتربيته عبده وإصلاح أمره ويثنى عليه بإلهيته المتضمنة إثبات ما يجب له من الصفات العلى والأسماء الحسنى وتدبر طريقة القرآن تجدها كما ذكرت لك فأما الدعاء فقد ذكرنا منه أمثلة وهو في القرآن حيث وقع لا يكاد يجيء إلا مصدرا باسم الرب وأما الثناء فحيث وقع فمصدر بالأسماء الحسنى وأعظم ما يصدر به اسم الله جل جلاله نحو:{الحمد لله} حيث جاء ونحو: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} وجاء: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} ونحوه {سبح لله ما في السموات وما في الأرض} حيث وقعت ونحو: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} ونظائره وجاء في دعاء المسيح: {اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} فذكر الأمرين ولم يجيء في القرآن سواه ولا رأيت أحدا تعرض لهذا ولا نبه عليه سر عجيب دال على كمال معرفة المسيح بربه وتعظيمه له فإن هذا السؤال كان عقيب سؤال قومه له: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} فخوفهم الله وأعلمهم أن هذا مما لا يليق أن يسأل عنه وأن الإيمان يرده فلما ألحوا في الطلب وخاف المسيح أن يداخلهم الشك إن لم يجابوا إلى ما سألوا بدأ في السؤال باسم {اللَّهُمَّ} الدال على الثناء على الله بجميع أسمائه وصفاته ففي ضمن ذلك تصوره بصورة المثني الحامد الذاكر لأسماء ربه المثني عليه بها وأن المقصود من هذا الدعاء وقضاء هذه الحاجة إنما هو أن يثني على الرب بذلك ويمجده به ويذكر آلاءه ويظهر شواهد قدرته وربوبيته ويكون برهانا على صدق رسوله فيحصل بذلك من زيادة الإيمان والثناء على الله أمر يحسن معه الطلب ويكون كالعذر فيه فأتى بالاسمين اسم الله الذي يثني عليه به واسم الرب الذي يدعي ويسأل به لما كان المقام مقام الأمرين فتأمل هذا السر العجيب ولا يثب عنه فهمك فإنه من الفهم الذي يؤتيه الله من يشاء في كتابه وله الحمد وأما السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الخطاب فقد ذكرنا سره في الوجه الذي قبل هذا فالعهد به قريب.