للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله: "قيل لي فقلت" أي إني لست مبتدئا بل أنا مبلغ أقول كما يقال لي وأبلغ كلام ربي كما أنزله إلي فصلوات الله وسلامه عليه لقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة وقال كما قيل له فكفانا وشفانا من المعتزلة والجهمية وإخوانهم ممن يقول هذا القرآن العربي وهذا النظم كلامه ابتدأ هو به ففي هذا الحديث أبين الرد لهذا القول وأنه صلى الله عليه وسلم بلغ القول الذي أمر بتبليغه على وجهه ولفظه حتى أنه لما قيل له قل لأنه مبلغ محض وما على الرسول إلا البلاغ.

الفصل الثاني:

المستعاذ به وهو الله وحده رب الفلق ورب الناس ملك الناس إله الناس الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به ولا يستعاذ بأحد من خلقه بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره وقد أخبر الله تعالى في كتابه عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته طغيانا ورهقا فقال حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} جاء في التفسير أنه كان الرجل من العرب في الجاهلية إذا سافر فأمسى في أرض قفر قال أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه فيبيت في أمن وجوار منهم حتى يصبح أي فزاد الإنس الجن باستعاذتهم بسادتهم رهقا أي طغيانا وإثما وشرا يقولون سدنا الإنس والجن والرهق في كلام العرب الإثم وغشيان المحارم فزادوهم بهذه الاستعاذة غشيانا لما كان محظورا من الكبر والتعاظم فظنوا أنهم سادوا الإنس والجن واحتج أهل السنة على المعتزلة في أن كلمات الله غير مخلوقة بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بقوله: "أعوذ بكلمات الله التامات " رواه مسلم وهو لا يستعيذ بمخلوق أبدا ونظير ذلك قوله: " أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك" رواه مسلم فدل على أن رضاه وعفوه من صفاته

<<  <  ج: ص:  >  >>