للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيض من فرق الصبح وفلقه وكما أن في خلقه فلقا وفرقا فكذلك أمره كله فرقان يفرق بين الحق والباطل فيفرق ظلام الباطل بالحق كما يفرق ظلام الليل بالإصباح ولهذا سمى كتابه الفرقان ونصره فرقانا لتضمنه الفرق بين أوليائه وأعدائه ومنه فلقة البحر لموسى وسماه فلقا فظهرت حكمة الاستعاذة برب الفلق في هذه المواضع وظهر بهذا إعجاز القرآن وعظمته وجلالته وأن العباد لا يقدرون قدره {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

فصل:

الشر الثالث: {شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} وهذا الشر هو شر السحر فإن النفاثات في العقد هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن على كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر والنفث هو النفخ مع ريق وهو دون التفل وهو مرتبة بينهما والنفث فعل الساحر فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة نفخ في تلك العقد نفخا معه ريق فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى مقترن بالريق الممازج لذلك وقد تساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري لا الأمر الشرعي فإن قيل: فالسحر يكون من الذكور والإناث فلم خص الاستعاذة من الإناث دون الذكور قيل في جوابه: إن هذا خرج على السبب الواقع وهو أن بنات لبيد بن الأعصم سحر النبي صلى الله عليه وسلم هذا جواب أبي عبيدة وغيره وليس هذا بسديد فإن الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم هو لبيد بن الأعصم كما جاء في الصحيح والجواب المحقق إن النفاثات هنا هن الأرواح والأنفس النفاثات لا النساء النفاثات لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة وسلطانه إنما يظهر منها فلهذا ذكرت النفاثات هنا بلفظ التأنيث دون

<<  <  ج: ص:  >  >>