للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المذموم هو كله حسد تمني الزوال وللحسد ثلاث مراتب أحدهما: هي هذه الثانية: وهي تمني استصحاب عدم النعمة فهو يكره أن يحدث الله لعبده نعمة بل يحب أن يبقى على حاله من جهله أو فقره أو ضعفه أو شتات قلبه عن الله أو قلة دينه فهو يتمنى دوام ما هو فيه من نقص وعيب فهذا حسد على شيء مقدر والأول حسد على شيء محقق وكلاهما حاسد عدو نعمة وعدو عباده وممقوت عند الله تعالى وعند الناس ولا يسود أبدا ولا يواسي فإن الناس لا يسودون عليهم إلا من يريد الإحسان إليهم فأما عدو نعمة الله عليهم فلا يسودونه باختيارهم أبدا إلا قهرا يعدونه من البلاء والمصائب التي ابتلاهم الله بها فهم يبغضونه وهو يبغضهم والحسد الثالث حسد الغبطة وهو تمني أن يكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه فهذا لا بأس به ولا يعاب صاحبه بل هذا قريب من المنافسة وقد قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} خطأ يبحثها المحقق وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس" رواه البخاري ومسلم فهذا حسد غبطة الحامل لصاحبه عليه كبر نفسه وحب خصال الخير والتشبه بأهلها والدخول في جملتهم وأن يكون من سباقهم وعليتهم ومصلهم لا من فساكلهم فتحدث له من هذه الهمة المنافسة والمسابقة والمسارعة مع محبته لمن يغبطه وتمني دوام نعمة الله عليه فهذا لا يدخل في الآية بوجه ما فهذه السورة من أكبر أدوية المحسود فإنها تتضمن التوكل على الله والالتجاء إليه والاستعاذة به من شر حاسد النعمة فهو مستعيذ بولي النعم وموليها كأنه يقول يا من أولاني نعمته وأسداها إلي أنا عائذ بك من شر من يريد أن يستلبها مني ويزيلها عني وهو حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه وهو الذي يؤمن خوف الخائف ويجبر المستجير وهو نعم المولى ونعم النصير فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه ومن خافه واتقاه آمنه مما يخاف ويحذر وجلب إليه كل ما يحتاج إليه من المنافع: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>