وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة من الشر الذي هو سبب الذنوب والمعاصي كلها وهو الشر الداخل في الإنسان الذي هو منشأ العقوبات في الدنيا والآخرة فسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو ظلم الغير له بالسحر والحسد وهو شر من خارج وسورة الناس تضمنت الاستعاذة من الشر الذي هو سبب ظلم العبد نفسه وهو شر من داخل فالشر الأول: لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه والشر الثاني: في سورة الناس يدخل تحت التكليف ويتعلق به النهي فهذا شر المعائب والأول شر المصائب والشر كله يرجع إلى العيوب والمصائب ولا ثالث لهما فسورة الفلق تتضمن الاستعاذة من شر المصيبات وسورة الناس تتضمن الاستعاذة من شر العيوب التي أصلها كلها الوسوسة.
فصل:
إذا عرف هذا فالوسواس فعلال من وسوس وأصل الوسوسة الحركة أو الصوت الخفي الذي لا يحس فيحترز منه فالوسواس الإلقاء الخفي في النفس إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد ومن هذا وسوسة الحلي وهو حركته الخفية في الأذن والظاهر والله تعالى أعلم إنها سميت وسوسة لقربها وشدة مجاورتها لمحل الوسوسة من شياطين الإنس وهو الأذن فقيل وسوسة الحلي لأنه صوت مجاور للأذن كوسوسة الكلام الذي يلقيه الشيطان في أذن من يوسوس له ولما كانت الوسوسة كلاما يكرره الموسوس ويؤكده