النزال وتلاطم أمواج الأقوال وهي مسألة الماء والمائع إذا خالطته النجاسة فاستهلكت ولم يظهر لها فيه أثر البتة والمذاهب فيها لا تزيد على اثني عشر مذهبا نذكرها في غير هذا الموضع إن شاء الله أصحها مذهب الطهارة مطلقا مائعا كان ما خالطته أو جامدا ماء أو غيره قليلا أو كثيرا لبراهين كثيرة قطعية أو تكاد تذكر هناك إن شاء الله وعلى هذا فإذا وقعت قطرة من لبن في ماء فاستهلكت وشربه الرضيع لم تنتشر الحرمة ولو كانت قطرة خمر فاستهلكت في الماء البتة لم يحد بشربه ولو كانت قطرة بول لم يغير ويشربه وهذا لأن الحقيقة لما استهلكت امتنع ثبوت الاسم الخاص بها فنفى الاسم والحقيقة للغالب فيتعين ثبوت أحكامه لأن الأحكام تتبع الحقائق والاسماء وهذا أحد البراهين في المسألة.
فصل:
وأما القاعدة الثانية: وهي اشتباه المباح بالمحظور إن كان له بدل لا اشتباه فيه أنتقل إليه وتركه وإن لم يكن له بدل ودعت الضرورة إليه اجتهد في المباح واتقى الله ما استطاع فإذا اشتبه الماء الطاهر بالنجس أنتقل إلى بدله وهو التيمم ولو اشتبها عليه في الشرب اجتهد في أحدهما وشربه، وكذلك لو اشتبهت ميتة بمذكاة أنتقل إلى غيرهما ولم يتحر فيهما فإن تعذر عليه الانتقال ودعته الحاجة اجتهد، ولو اشتبهت أخته بأجنبية أنتقل إلى نساء لم يشتبه فيهن فإن كان بلدا كبيرا تحرى ونكح ولو اشتبه ثوب طاهر بنجس أنتقل إلى غيرهما فإن لم يجد فقيل يصلي في كل ثوب صلاة ليؤدي الفرض في ثوب متيقن الطهارة وقيل بل يجتهد في أحد الثوبين ويصلي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال:"لأن اجتناب النجاسة من باب الترك ولهذا لا تشترط له النية"، ولو صلى في ثوب لا يعلم نجاسته ثم علمها بعد الصلاة لم يعد فإن اجتهد فقد صلى في ثوب يغلب على ظن