البضع والعتق بالقرعة متضمن إرقاق رقبة من ثبت له الحرية وسقوط الحج والجهاد عنه وثبوت أحكام العبيد له على تقدير كونه هو المعتق في نفس الأمر وإن كانت امة يضمن إباحة فرجها لغير مالكها ومع هذا فالقرعة معينة للمعتق فتعينها للمطلقة كذلك أولى.
وجواب آخر وهو أن القرعة لم تزل تحريما ثابتا في المطلقة وإنما عينت حكما لم يكن لنا سبيل إلى تعيينه إلا بالقرعة واحتمال كون غير التي خرجت لها القرعة هي المطلقة في نفس الأمر كما لم يكلفنا به الشارع لتعذر الوصول إلى علمه فنزل منزلة المعدوم وهذا كما أن احتمال كون غير الأمة التي خرجت لها القرعة هي الحرة في نفس الأمر ساقطا عنا لتعذر علمنا به فتنزل منزل المعدوم وكذلك كون مالك المال الضائع موجودا في نفس الأمر لا يمتنع من نقله عنه إلى الملتقط بعد حول التعريف لتعذر معرفته فنزل منزلة المعدوم وكذلك حكم الصحابة عمر وغيره في المفقود تتزوج امرأته وإن كان باقيا حيا على وجه الأرض وقد أبيح فرج زوجته لغيره من غير طلاق منه ولا وفاة لتعذر معرفته فنزل في منزلة المعدوم.
قولكم لو ارتفع التحريم بالقرعة لما عاد إذا ذكرها قلنا ارتفاع التحريم مشروط باستمرار النيسان وإذا زال النسيان زال شرط الارتفاع والقرعة إنما صرنا إليها للضرورة ولا ضرورة مع التذكر.
قولكم القرعة لا يؤمن وقوعها على غير المطلقة وعدولها عن المطلقة وذلك يتضمن مفسدتين إلى آخره. قلنا منقوض بالعتق وبالملك المطلق وأيضا لما كان ذلك مجهولا معجوزا عن علمه نزل منزلة المعدوم ولم يضر كون المستحق في نفس الأمر غير المستحق بالقرعة كما قدمنا من النظائر فلسنا مؤاخذين بما في نفس الأمر ما لم نعلم به وهذه قاعدة من قواعد الشرع وهي أن المؤاخذة وترتب الأحكام على المكلف إنما هي على علمه لا على ما في نفس الأمر إذا لم يعلمه وعليها جل الشريعة في الطهارات والنجاسات والمعاملات والمناكحات والأحكام والشهادات فإن الشاهد إذا عرف أن لزيد قبل عمرو حقا وجب عليه أن يشهد به وإن كان قد برىء إليه