المانع من ترتب الحكم فإذا شككنا هل وجد مانع الحكم أم لا؟ لم يمنع من ترتب الحكم ولا من كون عدمه شرطا لأن استمراره على النفي الأصلي يجعله بمنزلة العدم المحقق في الشرع وإن أمكن بطلانه كما أن استمرار الشرط على ثبوته الأصلي يجعله بمنزلة الثابت المحقق شرعا وإن أمكن خلافه فعلم أن إطلاق الفقهاء صحيح واعتراض هذا المعترض فاسد.
ومما يبين لك الأمر اتفاق الناس على أن الشرط ينقسم إلى وجودي وعدمي بمعنى أن وجود كذا شرط فيه وعدم كذا شرط فيه وهذا متفق عليه بين الفقهاء والأصوليين والمتكلمين وسائر الطوائف وما كان عدمه شرطا فوجوده مانع كما أن ما وجوده شرط فعدمه مانع فعدم الشرط مانع من موانع الحكم وعدم المانع شرط من شروطه وبالله التوفيق.
فائدة:
الحاكم محتاج إلى ثلاثة أشياء لا يصح له الحكم إلا بها: معرفة الأدلة والأسباب والبينات؛ فالأدلة تعرفه الحكم الشرعي الكلي والأسباب تعرفه ثبوته في هذا المحل المعين أو أنتفاءه عنه والبينات تعرفه طريق الحكم عند التنازع ومتى أخطأ في واحد من هذه الثلاثة أخطأ في الحكم وجميع خطأ الحكام مداره على الخطأ فيها أو في بعضها.
مثال ذلك: إذا تنازع عنده اثنان في رد سلعة مشتراة بعيب فحكمه موقوف على العلم بالدليل الشرعي الذي يسلط المشتري على الرد وهو إجماع الأمة المستند إلى حديث المصراة وغيره، وعلى العلم بالسبب المثبت بحكم الشارع في هذا البيع المعين وهو كون هذا الوصف عيبا يسلط على الرد أم ليس بعيب وهذا لا يتوقف العلم به على الشرع بل على الحس أو العادة والعرف أو الخبر ونحو ذلك وعلى البينة التي هي طريق الحكم بين المتنازعين وهي كل ما تبين له صدق أحدهما يقينا أو ظنا من إقرار أو شهادة