للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "إيتوني بالسكين أشقه بينهما فقالت الصغرى: لا تفعل هو ابنها فقضى به لها" وهذا من أحسن القرائن وألطفها.

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعذيب أحد ابني الحقيق اليهودي ليدله على كنز حيي ابن أخطب وقد ادعى ذهابه فقال: "هو أكثر من ذلك والعهد قريب".

فاستدل بهذه القرينة الظاهرة على كذبه في دعواه فأمر الزبير أن يعذبه حتى يقر به فإذا عذب الوالي المتهم إذا ظهر له كذبه ليقر بالسرقة لم يخرج عن الشريعة إذا ظهرت له ريبة بل ضربه له في هذه الحال من الشرع.

وقد حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم في تهمة وقد عزم علي والزبير على تجريد المرأة التي معها الكتاب وتفتيشها لما تيقنا أن الكتاب معها.

فإذا غلب على ظن الحاكم أن المال المسروق أو غيره في بيت أو غيره في بيت المدعى عليه أو معه فأمر بتفتيشه حتى يظهر المال لم يكن بذلك خارجا عن الشرع وقد قال النعمان بن بشير للمدعي على قوم بسرقة مال لهم: "إن شئتم أن أضربهم فإن ظهر متاعكم عندهم وإلا أخذت من ظهوركم مثله" يعنى مثل ضربهم فقالوا: هذا حكمك؟ قال: بل هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم".

والرجوع إلى القرائن في الأحكام متفق عليه بين الفقهاء بل بين المسلمين كلهم وقد اعتمد الصحابة على القرائن في الحدود فرجموا بالحبل وجلدوا في الخمر بالقيء والرائحة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باستنكاه المقر بالسكر وهو اعتماد على الرائحة.

والأمة مجمعة على جواز وطء الزوج للمرأة التي تهديها إليه النساء ليلة العرس ورجوعه إلى دلالة الحال أنها هي التي وقع عليها العقد وإن لم يرها ولم يشهد بتعيينها رجلان. ومجمعة على جواز أكل الهدية وإن كانت من فاسق أو كانت من صبي ومن نازع في ذلك لم يمكنه العمل بخلافه وإن قاله بلسانه. ومجمعة على جواز شراء ما بيد الرجل اعتمادا على قرينة كونه في يده وإن جاز أن يكون مغصوبا وكذلك يجوز إنفاق النقد إذا أخبر بأنه صحيح رجل واحد ولو كان ذميا فالعمل بالقرائن ضروري في الشرع والعقل والعرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>