للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه.

إذا كانت للأخرس إشارة مفهومة فأشار بها في صلاته فهل تبطل؟ أجاب ابن الزاغوني أما الإشارة برد السلام فلا تبطل الصلاة من الآخرس والمتكلم وأما غير ذلك فإنه يجري منهما مجرى العمل في الصلاة إن كان يسيرا عفي عنه وإن كان كثيرا أبطل الصلاة، وجواب أبي الخطاب إذا كثر ذلك منه بطلت صلاته، وجواب ابن عقيل إشارته المفهومة تجري مجرى الكلام فإن كانت برد السلام خاصة لم تبطل صلاته وما سوى ذلك تبطل.

قلت: إشارة الآخرس منزلة كلامه مطلقا وأما تنزيلها منزلة الكلام في غير رد السلام خاصة فلا وجه له وإنما كان رد السلام من الناطق بالإشارة غير مبطل في أصح قولي العلماء كما دل على النص أن إشارته لم تنزل منزلة كلامه بخلاف الآخرس فإن إشارته المفهومة ككلام الناطق في سائر الأحكام.

إذا توضأ بماء زمزم هل يجوز أم لا؟ أجاب ابن الزاغوني لا يختلف المذهب أنه منهي عن الوضوء منه والأصل في النهي قول العباس: "لا أحلها لمغتسل وهي لشارب حل وبل".

واختلف في السبب الذي لأجله ثبت النهي وفيه طريقان:

أحدهما: أنه اختيار الواقف وشرطه وهو قول العباس.

وقد اختلف أصحابنا في مسألة مثل هذه وهي أن رجلا لو سبّل ماء للشرب فهل يجوز لأحد أن يأخذ منه ما يتوضأ به؟

قال بعضهم: يجوز ويكره فعلى هذا يكون النهي عنها كراهة تنزيه لا تحريم.

وقال آخرون من أصحابنا: لا يجوز له الوضوء به لأنه خلاف مراد الواقف فعلى هذا لا يجوز الوضوء بماء زمزم فأما الطريق الآخر أن سببه الكرامة والتعظيم.

فإن قلنا ما يتحدر عن أعضاء المتوضىء طاهر غير مطهر كأشهر الروايات كره الوضوء بماء زمزم وإن قلنا بالرواية الثانية أنه يحكم بنجاسة ما ينفصل من أعضاء الوضوء حرام الوضوء به وإن قلنا بالرواية الثالثة أن المنفصل طاهر مطهر لم يحرم الوضوء به ولم يكره لأنه لم يؤثر الوضوء فيه بما يوجب رفع التعظيم عنه فأما إن أزال به نجاسة وتغير كان فعله محرما وإن لم يتغير وكان في الغسلة السابعة فهل يحرم أو يكره على روايتين وإن قلنا إن الماء لا ينجس إلا بالتغير فمتى انفصل

<<  <  ج: ص:  >  >>