للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

في جراحاتهم كما قال البخاري: "لم يزل المسلمون يصلون في جراحاتهم ومسحهم سيوفهم من غير غسل وصلاتهم وهم حاملوها" ولو غسلت السيوف لفسدت ولا يعرف في الإسلام غسل السيوف ولا إلقاؤها وقت الصلاة وكذلك صلاة النساء في ثياب الرضاعة أمر مستمر في ألإسلام مع أن الصبيان لا يزال لعابهم يسيل على الأمهات وهم يتقيئون ولا تغسل أفواههم وكذلك البيع والشراء بالسعر لم يزل واقعا في الإسلام حتى أن من أنكره لا يجد منه بدا فإنه يأخذ من اللحام والخباز وغيرهما كل يوم ما يحتاج إليه من غير أن يساومه على كل حاجة ثم يحاسبه في الشهر أو العام ويعطيه ثمن ذلك فما يأخذه كل يوم إنما يأخذه بالسعر الواقع من غير مساومة وكذلك الإجارة بالسعر في مثل دخول الحمام وغسل الغسال وطبخ الطباخ والخباز وغيرهم لم يزل الناس يفعلون ذلك من غير تقدير إجارة اكتفاء منهم بإجارة المثل وقد نص الله على جواز النكاح من غير تسمية وحكم النبي صلى الله عليه وسلم المثل فإذا كان هذا في النكاح ففي سائر العقود من البيوع والإجارات أولى وأحرى وقول القائل: الصداق في النكاح دخيل غير مقصود ولا ركن كلام لا تحقيق وراءه بل هو عوض مقصود تنكح عليه المرأة وترد بالعيب وتطالب به وتمنع نفسها من التسليم قبل قبضه حيث يكون لها ذلك وهو أحق أن يوفى به من ثمن المبيع وعوض الإجارة فهو في هذا العقد أدخل من ثمن المبيع وعوض الإجارة فيهما ولأن منافع الإجارة والأعيان المباعة قد تستباح بغير عوض بل تباح بالبدل بخلاف منفعة البضع والمرأة لم تبذل بضعها إلا في مقابلة المهر وبضعها أعز عليها من مالها فكيف يقال إن الصداق عارية في النكاح غير دخيل في العقد أنهم رأوا النكاح يصح بدون تسمية فدلت على أنه ليس ركنا في العقد فهذا هو الذي دعاهم إلى هذا القول.

وجواب هذا أن النكاح لم ينعقد بدونه البتة وإنما انعقد عند الإطلاق بصداق المثل فوجب صداق المثل بنفس العقد حتى صار كالمسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>