للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فهلا قلتم إن القوم لما القوا الهمزة بعد ألف مفاعل فيها حرف العلة مدة في واحدة لم يستنكروها في معايش ومصايب لأن الموضع موضع همز فليست الهمزة بشديدة الغربة في هذا الموضع ويا للعجب كم في اللغة من قلب وأبدال وحذف غير مقيس بل هو مسموع سماعا مجردا ولو تكلم بغيره لكان غلطا وخطأوإن كان مقتضى القياس. وقد ذكر ابن جني من الأمثلة التي زعم أنها وقعت غلطا في كلامهم ثم قال وإنما يجوز مثل هذا لغلط عليهم لما يستهويهم من الشبه لأنهم ليست لهم قياسات يعتصمون بها وإنما يخلدون إلى بدائعهم وأين هذا من كلام الإمام المقدم سيبويه حيث يقول وليس شيء مما يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها وهذا من النحاة شبيه من رد الجهمية نصوص الصفات لمخالفتها أقيستهم ومن رد أحاديث الأحكام عند مخالفتها الرأي والمقصود بالأقيسة والاستنباطات فهم المنقول لا تخطئته والله الموفق.

فائدة:

استطاع استفعل من طاع يطوع ولم ينطق به وإنما نطقوا بالرباعي منه فيقال أطاعة وقالوا طوع له أي حسنة وزينة وكأنه جعل نفسه مطيعة لداعية فالهمزة من أطاعه همزة التعدية والنقل من اللزوم إلىالتعدي والتضعيف في طوع لكونه في معنى حسن وزين وأما السين والتاء في استطاع فإما أن تكون للوجود أي وجدته طوعا لي كاستجدته أي وجدته جيدا واستصوبت كلامه أي وجدته صوابا واستعظمته أي وجدته عظيما وأما أن تكون للطلب أي طلبت أن يطيعني إذا امرته ولا يستعصي علي بل يكون طوع قدرتي وقد يأتي هذا البناء بمعنى فعل كقر واستقر ومر واستمر وقد يأتي بمعنى الصيرورة كاستنوق البعير واستحجر

<<  <  ج: ص:  >  >>