المقدمتان ممنوعتان فليست الفطرة بمرادفة للسنة ولا السنة في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم هي المقابلة للواجب بل ذلك إصطلاح وضعي لا يحمل عليه كلام الشارع ومن ذلك قوله:"على كل مسلم أن يغتسل يوم الجمعة ويستاك ويمس من طيب بيته" فقد اشترك الثلاثة في اطلاق لفظ الحق عليه إذا كان حقا مستحبا في اثنين منها كان في الثالث مستحبا وأبين من هذا قوله: " وبالغ في الاستنشاق " فإن اللفظ تضمن الاستنشاق والمبالغة فإذا كان أحدها مستحبا فالآخر كذلك.
ولقائل أن يقول اشتراك المستحب والمفروض في لفظ عام لا يقتضي تساويها لا لغة ولا عرفا فإنهما إذا اشتركا في شيء لم يمتنع افتراقهما في شيء فإن المختلفات تشترك في لازم واحد فيشتركان في أمر عام ويفترقان بخواصهما فالاقتران كما لا يثبت لأحدهما خاصية لا ينفيها عنه فتأمله وإنما يثبت لهما الاشتراك في أمر عام فقط وأما الموضع الذي يظهر ضعف دلالة الاقتران فيه فعند تعدد الجمل واستقلال كل واحدة منهما بنفسها كقوله:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة " وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" فالتعرض لدلالة الاقتران ههنا في غاية الضغف والفساد فإن كل جملة مفيدة لمعناها وحكمها وسببها وغايتها منفردة به عن الجملة الأخرى واشتراكهما في مجرد العطف لا يوجب اشتراكهما فيما وراءه وإنما يشترك حرف العطف في المعنى إذا عطف مفردا على مفرد فإنه يشترك بينهما في العامل كقام زيد وعمرو وأما نحو اقتل زيدا وأكرم بكرا فلا اشتراك في معنى وأبعد من ذلك ظن من ظن أن تقييد الجملة السابقة بظرف أو حال أو مجرور يستلزم تقييد الثانية وهذا دعوى مجردة بل فاسدة قطعا.
ومن تأمل تراكيب الكلام العربي جزم ببطلانها وأما موطن التساوى فحيث كان العطف ظاهرا في التسوية وقصد المتكلم ظاهرا في الفرق فيتعارض ظاهر اللفظ وظاهر القصد فإن غلب ظهور أحدهما اعتبر وإلا طلب الترجيح والله أعلم.