للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال صاحب خزانته: قد كنت تأمرني أن لا أتباعد عنك، فأنا اليوم لا أقدر على الدّنوّ منك.

وقالت زوجته بنت دارا (١): لئن كان هذا الكلام شماتة، لقد خلّف الكأس الذي شرب به لجماعتكم.

وقالت أمّه: لئن فقدت من ابني أمره، فما (٢) فقدت من ابني ذكره.

وقد كان الإسكندر كتب إليها كتابا يأمرها فيه باتّخاذ وليمة (٣) تستدعي فيها إلى طعامها من لم تلحقه مصيبة. فتقدّمت لذلك وبادرت لحضور الطّعام على الشّرط، فما صار إليها أحد صغير ولا كبير فعلمت أن ابنها أراد تعزيتها وتسليتها.

ثم جعل التابوت على أيد حتى أودع حفرته.

٢٥٣ - كلام من حكم عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه:

قال عليه السّلام: أعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرّجاء أذلّه الطّمع، وإن هاج به الطّمع أهانه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغيظ اشتدّ به الغضب، وإن أمتع بالرّجاء نسي التحفّظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتّسع له الأمن سلبته الغرّة، وإن أصابته مصيبة فضحه العجز، وإن تجدّدت له نعمة أخذته العزّة، وإن نال مالا أطغاه الغنى، وإن عضّته الفاقة


(١) في مروج الذهب ٢/ ١٢: زوجته روشنك بنت دار بن دارا.
(٢) في الأصل لما، والنص يقتضي التصحيح، وفي مروج الذهب ٢/ ١٢: فلم أفقد من قلبي ذكره.
(٣) خبر الوليمة في مروج الذهب ٢/ ١٢ (٦٧٧)، ومختار الحكم (٢٤٢).
٢٥٣ - شرح نهج البلاغة ١٩/ ٢٧١.

<<  <   >  >>